للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ ظُلْمَ صَاحِبِهِ لَهُ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَانِبِ ثِقَةٍ، يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا، وَيُلْزِمْهُمَا الْإِنْصَافَ، فَإِنْ خَرَجَا إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ، بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِهِمَا بِرِضَاهُمَا، فَيَكْشِفَانِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": يَهْجُرُهَا فِي الْفِرَاشِ، فَإِنْ أَضَافَ إِلَيْهِ الْهَجْرَ فِي الْكَلَامِ وَدُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ عَلَيْهَا - جَازَ، مَعَ الْكَرَاهَةِ (فَإِنْ أَصَرَّتْ، فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) أَيْ: غَيْرَ شَدِيدٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] وَلَا يُبَرِّحُ بِالضَّرْبِ؛ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ، قَالَ الْخَلَّالُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثَعْلَبًا عَنْ قَوْلِهِ: ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، أَيْ: غَيْرَ شَدِيدٍ، وَهُوَ عَشْرَةُ أَسْوَاطٍ فَأَقَلَّ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ حَسْبُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ عُلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، وَعَلَيْهِ اجْتِنَابُ الْمَوَاضِعِ الْمُخَوِّفَةِ وَالْمُسْتَحْسَنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّأْدِيبُ، وَعَنْهُ: لَهُ ضَرْبُهَا بِأَوَّلِ النُّشُوزِ؛ لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: لَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ الْعُقُوبَاتِ زَجْرُهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَبْدَأُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، كَإِخْرَاجِ مَنْ هَجَمَ بِمَنْزِلِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنْ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مَنْعِهِ حَقَّهُ غَيْرَ هَذَا، وَالْعَبْدُ يَمْتَنِعُ مِنْ حَقِّ سَيِّدِهِ، وَلَا يَمْلِكُ تَعْزِيرَهَا فِي حَقِّ اللَّهِ، نَقَلَ مُهَنَّا: هَلْ يَضْرِبُهَا عَلَى تَرْكِ زَكَاةٍ؛ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ عَنْهُ يَضْرِبُهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَمْلِكُهُ، وَلَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا، قَالَهُ أَحْمَدُ؛ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ إِبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتْرُكَهُ عَنِ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ.

(فَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ ظُلْمَ صَاحِبِهِ لَهُ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَانِبِ ثِقَةٍ، يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا، وَيُلْزِمُهُمَا الْإِنْصَافَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إِلَى الْإِنْصَافِ، فَتَعَيَّنَ فِعْلُهُ كَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " (فَإِنَّ خَرَجَا إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ) مُكَلَّفَيْنِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>