للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ حَالِهِمَا، وَيَفْعَلَانِ مَا يَرَيَانِهِ مِنْ جَمْعٍ وَتَفْرِيقٍ بَيْنَهُمَا بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ، فَإِنِ امْتَنَعَا مِنَ التَّوْكِيلِ، لَمْ يُجْبَرَا، وَعَنْهُ: أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ وَكَّلَ فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ فِي بَدَلِ الْعِوَضِ بِرِضَاهُمَا، وَإِلَّا جَعَلَ الْحَاكِمُ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَابَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

هَذِهِ شُرُوطُ الْعَدَالَةِ، سَوَاءٌ قُلْنَا هُمَا حَكَمَانِ أَوْ وَكِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إِذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، كَمَا لَوْ نَصَّبَ وَكِيلًا لِصَبِيٍّ أَوْ مُفْلِسٍ، وَيُشْتَرَطُ ذُكُورِيَّتُهُمَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الرَّأْيِ وَالنَّظَرِ، وَصَرِيحُهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعُبُودِيَّةَ نَقْصٌ، وَفِي " الْمُغْنِي ": الْأَوْلَى إِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْحُكْمِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفِقْهُ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَفِي " الْكَافِي ": مَتَى كَانَا حَكَمَيْنِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُمَا فَقِيهَيْنِ، وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ جَازَا أَنْ يَكُونَا عَامِّيَّيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّ مِثْلَهُ مَا يُفَوِّضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعَيَّنٍ جَرَى كَقِسْمَةٍ (وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِهِمَا بِرِضَاهُمَا) وَتَوْكِيلِهِمَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ٣] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُمَا أَشْفَقُ، وَأَعْلَمُ بِالْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْحُكْمِ وَلَا الْوِكَالَةِ، وَظَاهِرُهُ: بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْعَثَهُمَا بِغَيْرِ رِضَاهُمَا - عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا، فَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمَا التَّصَرُّفُ إِلَّا بِالْوَكَالَةِ (فَيَكْشِفَانِ عَنْ حَالِهِمَا، وَيَفْعَلَانِ مَا يَرَيَانِهِ مِنْ جَمْعٍ وَتَفْرِيقٍ بَيْنَهُمَا بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) فَمَا فَعَلَا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُمَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا إِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِصْلَاحِ لَا فِي إِسْقَاطِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَكِيلُهُمَا بَرِئ فِي الْخُلْعِ فَقَطْ، وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا يُنَافِي نِكَاحًا لَزِمَ، وَإِلَّا فَلَا، كَتَرْكِ قَسْمٍ، أَوْ نَفَقَةٍ وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدَ (فَإِنِ امْتَنَعَا مِنَ التَّوْكِيلِ لَمْ يُجْبَرَا) عَلَى الْمَشْهُورِ، حَتَّى إِنَّ الْقَاضِيَ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " و" الشَّرِيفَ " وَغَيْرَهُمَا لَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا؛ لِأَنَّهُمَا رَشِيدَانِ، وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ، وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجِيَّةِ، فَلَمْ يُجْبَرَا عَلَى التَّوْكِيلِ مِنْهُمَا كَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحُقُوقِ (وَعَنْهُ: أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ وُكِّلَ فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَوُكِّلَتِ الْمَرْأَةُ فِي بَدَلِ الْعِوَضِ بِرِضَاهُمَا وَإِلَّا) إِنْ أَبَيَا ذَلِكَ (جَعَلَ الْحَاكِمُ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ) اخْتَارَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَحِينَئِذٍ لَهُمَا فِعْلُ مَا رَأَيَاهُ بِغَيْرِ رِضَا

<<  <  ج: ص:  >  >>