الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ، وَمَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ مِنْ كُلِّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فَإِنْ خَالَعَتِ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى شَيْءٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَبَدَلَ مَالِهَا، وَلَا حَظَّ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ، إِذَا رَأَى الْحَظَّ فِيهِ، كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُتْلِفُ مَالَهَا، وَيَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَعَقْلِهَا، وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا خَالَعُوا فِي حَقِّ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا خَالَعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، فَمِنَ الْوَلِيِّ أَوْلَى (وَيَصِحُّ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ) إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (وَمَعَ الْأَجْنَبِيِّ) بِغَيْرِ رِضَا الْمَرْأَةِ - فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُ يَبْذُلُ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي إِسْقَاطِ حَقٍّ عَنْ غَيْرِهِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، صَحَّ، وَلَزِمَهُ ثَمَنُهُ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ حَقًّا عَنْ أَحَدٍ، فَهُنَا أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمَرْأَةِ يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهَا بِعِوَضٍ، فَجَازَ لِغَيْرِهَا كَالدَّيْنِ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ، فَلَا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَتِ امْرَأَتُهُ: طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهُمَا - وَقَعَ بِهِمَا بَائِنًا، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ، وَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ الْقَاضِي: تُطَلَّقُ بَائِنًا وَيُلْزِمُ الْبَاذِلَةَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الْأَلْفِ، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِيمَا إِذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً - أَنْ لَا يَلْزَمَ الْبَاذِلَةَ هُنَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا إِلَى مَا سَأَلَتْ، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي، أَوْ عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَ ضَرَّتِي - فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ وَالْبَدَلُ لَازِمٌ.
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ فِي الْحَيْضِ وَطُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِيهِ ثَبَتَ دَفْعًا لِضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَالْخُلْعُ يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ سُوءِ الْعِشْرَةِ، وَهُوَ أَعْظَمُ وَأَدْوَمُ، فَكَانَ رَفْعُهُ أَوْلَى، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَفِي " الْوَاضِحِ " فِيهِ رِوَايَتَانِ.
(وَيَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ مِنْ كُلِّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) ؛ لِأَنَّهُ بَذْلُ عِوَضٍ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute