مَعْلُومٍ كَانَ فِي ذِمَّتِهَا يُتْبِعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا، لَمْ يَصِحَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا، فَطَلَّقَ - بَانَتْ، وَلَمْ يَبْرَأْ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، نَصَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ إِبْرَاءَ الْأَبِ صَحِيحٌ.
فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إِبْرَاءَ الْأَبِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لَمْ يَرْجِعْ، وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ، وَقَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ".
وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَبْرَأْتَنِي أَنْتَ مِنْهُ، فَهِيَ طَالِقٌ، فَقَالَ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْهُ - طُلِّقَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ إِبْرَاءَ الْأَبِ صَحِيحٌ.
فَأَمَّا إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَقَوْلَانِ: فَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُهَا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهَا، وَعَلَيَّ دَرْكُهُ فَطَلَّقَهَا - بَانَتْ، وَغَرَّمَهُ الْأَبُ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهَا (فَإِنْ خَالَعَتِ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا) فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ، قَطَعَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي كُتُبِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، فَمَعَ الزَّوْجَةِ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَالْمَجْدُ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهَا كَالْبَيْعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَالْخُلْعُ يُفَارِقُ الْبَيْعَ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ عَلَى الْمَجْهُولِ، وَعَلَى غَيْرِ عِوَضٍ عَلَى قَوْلٍ، وَقِيلَ: يَصِحُّ إِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى شَيْءٍ فِي ذِمَّتِهَا، لَا عَلَى عَيْنٍ فِي يَدِهَا كَالْبَيْعِ (عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ كَانَ فِي ذِمَّتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ (يُتْبِعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ "؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، فَإِنْ كَانَ عَلَى عَيْنٍ فِي يَدِهَا فَكَذَلِكَ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَمَةٌ، فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، كَمَا لَوْ قَالَ: خَالَعْناكِ عَلَى هَذَا الْحُرِّ، فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَهُوَ صَحِيحٌ، كَاسْتِدَانَتِهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي قَدْرٍ مِنَ الْمَالِ فَخَالَعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ - فَالزِّيَادَةُ فِي ذِمَّتِهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اقْتَضَى الْخُلْعَ بِالْمُسَمَّى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute