للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَعَنْهُ: يَقَعُ، وَلَهُ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا - لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَجْهَانِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ مُبَاحَ الدَّمِ بِقَصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقُتِلَ، فَذَكَرَ الْقَاضِي - وَهُوَ الْمَذْهَبُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ عَيْبِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا: يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا) أَوْ حُرًّا (لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ إِنَّمَا تَتَنَاوَلُ مَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَطِيَّةً لَهُ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الطَّلَاقِ (وَعَنْهُ: يَقَعُ، وَلَهُ قِيمَتُهُ) ، جَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ " وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِالْبُضْعِ، فَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ، فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بِعَطِيَّةِ الْمَغْصُوبِ وَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ هُنَا التَّمْلِيكُ، بِدَلِيلِ حُصُولِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا لَهَا (وَكَذَلِكَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ مَعْنًى، فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَا حُكْمًا.

فَرْعٌ: إِذَا خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ مَعِيبًا - بَانَتْ، وَلَهُ طَلَبُ عَبْدٍ سَلِيمٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ قِيمَتَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهَا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ - لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: بَلَى، وَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، فَإِنْ بَاعَتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ، فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْبَيْعُ.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا - لَمْ تُطَلَّقْ) ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي عُلِّقَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لَمْ تُوجَدْ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مَرْوِيٍّ فِي الذِّمَّةِ، فَأَتَتْهُ بِهَرَوِيٍّ - صَحَّ، وَخُيِّرَ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا - رَدَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِمْسَاكُهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ آخَرُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَطِيَّتِهَا إِيَّاهُ فَمَتَى أَعْطَتْهُ عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ - وَقَعَ الطَّلَاقُ، سَوَاءٌ قَبَضَهُ مِنْهَا أَوْ لَا، فَإِنْ هَرَبَ الزَّوْجُ، أَوْ غَابَ قَبِلَ عَطِيَّتِهَا، أَوْ قَالَتْ: يَضْمَنُهُ لَكَ زَيْدٌ، أَوْ أَجْعَلُهُ قَصَاصًا بِمَا لِي عَلَيْكَ، أَوْ أَحَالَتْهُ بِهِ - لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ تَعَذَّرَ الْعَطِيَّةُ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا، أَوْ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِمَا؛ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ. وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا - اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَبَانَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَعْلِيقًا عَلَى شَرْطٍ بِخِلَافٍ الْأَوَّلِ.

فَرْعٌ: إِذَا تَخَالَعَا عَلَى حُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ بِمِثْلِ مَا خَالَعَ بِهِ زِيدٌ زَوْجَتَهُ - صَحَّ بِالْمُسَمَّى، وَقِيلَ: بَلْ بِمَهْرِهَا، وَقِيلَ: بَلْ بِمَهْرِ مِثْلِهَا (وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى هَرَوِيٍّ، فَبَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>