للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ مِنَ الْعَذَابِ، كَالضَّرْبِ، وَالْخَنْقِ، وَعَصْرِ السَّاقِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ.

وَيَقَعُ الطَّلَاقُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الثَّالِثُ: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ.

فَرْعٌ: ضَرْبُ وَلَدِهِ وَحَبْسِهِ وَنَحْوِهِمَا إِكْرَاهٌ لِوَالِدِهِ، وَإِكْرَاهٌ عَلَى عِتْقٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا كَطَلَاقٍ.

(وَعَنْهُ: لَا يَكُونُ مُكْرَهًا حَتَّى يَنَالَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَذَابِ، كَالضَّرْبِ، وَالْخَنْقِ، وَعَصْرِ السَّاقِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ) ، وَالْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ: كَمَا فُعِلَ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ عَمَّارٍ حِينَ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَرَادُوهُ عَلَى الشِّرْكِ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبْكِي، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عَنْ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: «أَخَذَكَ الْمُشْرِكُونَ، فَغَطُّوكَ فِي الْمَاءِ، وَأَمَرُوكَ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ، فَفَعَلْتَ، فَإِنْ أَمَرُوكَ مَرَّةً أُخْرَى فَافْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ. فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّرْبِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا أَوْ يَسِيرًا فِي حَقِّ ذِي مُرُوءَةٍ، وَمِمَّا يُشْبِهُ الضَّرْبَ وَعَصْرَ السَّاقِ - الْقَيْدُ وَالْحَبْسُ الطَّوِيلَانِ، وَأَخْذُ الْمَالِ الْكَثِيرِ، زَادَ فِي " الْكَافِي ": وَالْإِخْرَاجُ مِنَ الدِّيَارِ، لَا السَّبُّ وَنَحْوُهُ - رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ "، وَعَنْهُ: إِنْ هَدَّدَ بِقَتْلٍ، وَعَنْهُ: أَوْ قَطْعِ طَرْفٍ، وَقِيلَ: أَوْ إِحْرَاقِ مَنْ يُؤْلِمُهُ - فَإِكْرَاهٌ. قَالَ الْقَاضِي: الْإِكْرَاهُ يَخْتَلِفُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وَإِنْ سَحَرَهُ لِيُطَلِّقَ، فَإِكْرَاهٌ - قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ فَطَلَّقَ غَيْرَهَا، أَوْ عَلَى طَلْقَةٍ فَطَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْ عَلَى لَفْظٍ صَرِيحٍ فَأَتَى بِكِنَايَةٍ، أَوْ عَلَى تَعْلِيقِهِ فَنَجَزَهُ - وَقَعْنَ وَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى مُبْهَمَةٍ، فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً - فَوَجْهَانِ، لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْوَعِيدُ إِكْرَاهًا لَكُنَّا مُكْرَهِينَ عَلَى الْعِبَادَاتِ، فَلَا ثَوَابَ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّنَا مُكْرَهُونَ عَلَيْهَا، وَالثَّوَابُ بِفَضْلِهِ لَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ عِنْدَنَا، ثُمَّ الْعِبَادَاتُ تُفْعَلُ لِلرَّغْبَةِ - ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>