يَدِهَا مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ، وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَكِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ إِلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ إِلَّا مَا دَامَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ، فَإِنْ جَعْلَ لَهَا الْخِيَارَ الْيَوْمَ كُلَّهُ، أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا فِي يَدِهَا، فَرَدَّتْهُ، أَوْ رَجَعَ فِيهِ، أَوْ وَطِئَهَا - بَطَلَ خِيَارُهَا، هَذَا الْمَذْهَبُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْخِيَارِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مُطْلَقٌ أَشْبَهَ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ، وَيُعْتَبَرُ أَهْلِيَّتُهَا، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرَةٍ وَلَا مَجْنُونَةٍ.
فَرْعٌ: يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِعِوَضٍ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا قَالَتِ: اجْعَلْ أَمْرِي بِيَدِي وَأُعْطِيكَ عَبْدِي - فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ مَا لَمْ يَطَأْ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَبْطُلُ بِدُخُولِ الْعِوَضِ فِيهِ.
١ -
(وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَكِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) رَجْعِيَّةٍ، حَكَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ؛ وَلِأَنَّ اخْتَارِي تَفْوِيضٌ مُعَيَّنٌ، فَيَتَنَاوَلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَهُوَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُضَافٌ إِلَيْهَا، فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَمْرِهَا (إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ إِلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) كَاخْتَارِي مَا شِئْتِ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ نِيَّتُهُ، وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ: اخْتَارِي عَدَدًا، فَإِنَّهُ يُرْجَعُ إِلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ إِلَّا مَا دَامَتْ فِي الْمَجْلِسِ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ طَالَ (وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ) ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّخْيِيرَ عَلَى الْفَوْرِ. رَوَاهُ النَّجَّادُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقِيلَ: مُتَرَاخٍ كَالْأَمْرِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ» وَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا؛ وَلِأَنَّهُ خِيَارُ تَمْلِيكٍ، فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْقَبُولِ، وَأَمَّا الْخَبَرُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي، وَخِلَافُنَا فِي الْمُطَلِّقِ، و" أَمْرُكِ بِيَدِكِ " تَوْكِيلٌ، وَالتَّوْكِيلُ يَعُمُّ الزَّمَانَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَيْدٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يَتَّصِلِ الْجَوَابُ، لَمْ يَقَعْ، وَشَرْطُهُ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّشَاغُلِ يَكُونُ إِعْرَاضًا عَنْ قَوْلِهِ: اخْتَارِي، وَمِنَ الْمَقُولِ لَهَا إِعْرَاضًا عَنِ الْقَبُولِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ افْتَرَقَا (فَإِنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ الْيَوْمَ كُلَّهُ) جَازَ (أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا فِي يَدِهَا فَرَدَّتْهُ) بَطَلَ كَالْوَكِيلِ (أَوْ رَجَعَ فِيهِ أَوْ وَطِئَهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا - هَذَا الْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute