للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفْهَامَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ بَلْ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كُلَّ وَاحِدٍ يَقْتَضِي وُقُوعًا إِذًا، وَكَذَا إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَهُ ثَلَاثًا طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفْهَامَهَا) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ، وَشَرْطُهُ الِاتِّصَالُ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ طَوِيلٌ، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ لَهَا، طُلِّقَتْ ثَانِيَةً، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ التَّأْكِيدُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْكَلَامِ، فَقُبِلَ مُتَّصِلًا كَسَائِرِ التَّوَابِعِ مِنَ الْعَطْفِ وَالصِّفَةِ وَالْبَدَلِ، فَلَوْ نَوَى بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأَوَّلَةِ لَمْ يُقْبَلْ، وَوَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ، فَفِي قَبُولِهِ بِالْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ كَإِقْرَارٍ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ فِي قَوْلِهِ: اعْتَدِّي اعْتَدِّي، فَأَرَادَ الطَّلَاقَ، هِيَ تَطْلِيقَةٌ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِئْنَافِ، فَيُصْرَفُ إِلَى التَّأْكِيدِ؛ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ» وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ الْإِيقَاعَ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَيُقَدِّرُ لَهُ مَا يَتِمُّ الْكَلَامُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ - فَثَلَاثٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَوْ قَالَ: طَالِقٌ، وَكَرَّرَهُ - وَقَعْنَ، وَلَوْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ - قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَكَرَّرَ لِلتَّأْكِيدِ، وَكَانَ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ " أَنْتِ "، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ.

فَرْعٌ: إِذَا أَتَى شَرْطٌ أَوِ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ صِفَةٌ عَقِبَ جُمْلَةٍ، اخْتَصَّ بِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ بَلْ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ) .

وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ - تَقَعُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَادَفَتْ مَحَلَّ النِّكَاحِ، فَيَقَعُ؛ وَلِأَنَّ الْفَاءَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ مَعَ التَّعْقِيبِ، وَثُمَّ تَقْتَضِيهِ مَعَ التَّرَاخِي.

الثَّانِيَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، بَلْ طَالِقٌ، تُطَلَّقُ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَضَى إِيقَاعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>