قَبْلَ طَلْقَةٍ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ، وَيَقَعَانِ مَعًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
طَلْقَةٍ، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِي إِيقَاعَ طَلْقَةٍ؛ لِأَنَّ بَلْ لِإِثْبَاتِ الثَّانِي، وَالْإِضْرَابِ عَنِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إِضْرَابُهُ، وَجَبَ وُقُوعُهُمَا جَمِيعًا، وَعَنْهُ: فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً - تَقَعُ ثِنْتَانِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَوْقَعَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي " طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ " ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إِيقَاعُ وَاحِدَةٍ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِي إِيقَاعَ طَلْقَتَيْنِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ تَقَعُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى يَصِحُّ دُخُولُهَا فِي الثِّنْتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ الْإِضْرَابُ عَنْهَا مُسْتَدْرَكًا؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ، وَهُوَ الْوُقُوعُ، وَالثَّانِيَةُ ظَاهِرَةٌ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْجَمْعِ، وَالْمَحَلُّ يَحْتَمِلُهُ، فَإِنْ أَرَادَ فِي " بَعْدَهَا طَلْقَةٌ ": سَأُوقِعُهَا، فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": لَا يُقْبَلُ حُكْمًا، وَفِي الْبَاطِنِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً، قَطَعَ بِهِ فِي " قَبْلَ طَلْقَةٍ " فِي " الْمُذْهَبِ " و" الْمُسْتَوْعِبِ " وَزَادَ بَعْدَ طَلْقَةٍ.
(وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى) ؛ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ مَحَلًّا (وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ، فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقٌ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي) أَيْ: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ، فَلَمْ يَقَعْ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا جَمِيعُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةٌ بَعْدَ طَلْقَةٍ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ) وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَيَقَعَانِ مَعًا) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ وُقُوعَ الطَّلْقَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ الطَّلْقَةِ الْمُوَقَّعَةِ، فَوَقَعَتْ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَأَخَّرَتْ عَنِ الزَّمَنِ الَّذِي قُصِدَ إِيقَاعُهَا فِيهِ لِكَوْنِهِ زَمَنًا مَاضِيًا - وَجَبَ إِيقَاعُهَا فِي أَقْرَبِ الْأَزْمِنَةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَهَا، وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ زَمَنًا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَهُوَ زَمَنٌ قَرِيبٌ، فَلَا يُؤَخَّرُ إِلَى الْبَعِيدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute