للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّكْرَارَ إِلَّا كُلَّمَا، وَفِي مَتَى وَجْهَانِ، وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ " لَمْ "، فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ، إِلَّا " إنْ "، وَفِي " إِذَا " وَجْهَانِ.

فَإِذَا قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

غَيْرَهَا أَدَاةٌ لَهُ كَـ " مَا "، وَإِنَّمَا خَصَّ السِّتَّةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا غَالِبُ مَا تُسْتَعْمَلُ لَهُ (إِنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَنْ، وَأَيُّ، وَكُلَّمَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إِلَّا كُلَّمَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: ٦٤] و: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨] (وَفِي مَتَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ

وَلِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَالثَّانِي: لَا يَقْتَضِيهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهَا اسْمُ زَمَنٍ بِمَعْنَى أَيِّ وَقْتٍ، وَبِمَعْنَى إِذَا، وَكَوْنِهَا تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ كَإِذَا، وَأَيُّ وَقْتٍ، فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْأَمْرَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [الأنعام: ٦٨] {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} [الأعراف: ٢٠٣] وَكَذَلِكَ أَيُّ وَقْتٍ، وَأَيُّ زَمَانٍ، فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلتَّكْرَارِ، وَسَائِرُ الْحُرُوفِ يُجَازَى بِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ وَغَيْرِهِ، فَلَا تُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.

فَرْعٌ: مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا كَانَ أَوْ مَفْعُولًا.

(وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ " لَمْ ") أَوْ نِيَّةِ الْفَوْرِ، أَوْ قَرِينَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهِ، لِكَوْنِ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وَقْتًا إِلَّا ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي وَقْتٍ، فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ (فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّ " مَتَى " و" أَيُّ " مَعْنَاهُمَا: أَيُّ زَمَانٍ، وَذَلِكَ شَائِعٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ، فَأَيُّ زَمَنٍ وُجِدَتِ الصِّفَةُ فِيهِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِي " أَيُّ " كَوْنُهَا مُضَافَةً إِلَى زَمَنٍ، فَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى شَخْصٍ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ " مَنْ "، وَظَاهِرُهُ: أَنْ " مَنْ " لِلْفَوْرِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ " مَنْ " لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الزَّمَانِ إِلَّا ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي زَمَانٍ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ " أَيُّ "، فَيَجِبُ أَلَّا تَكُونَ عَلَى التَّرَاخِي، مَعَ أَنَّ صَاحِبَ " الْمُحَرَّرِ " حَكَى فِي " مَنْ " و" أَيُّ " الْمُضَافَةِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>