للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا قُمْتِ، أَوْ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ، أَوْ مَتَى قُمْتِ، أَوْ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى قَامَتْ طُلِّقَتْ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلَاقُ، إِلَّا فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الشَّخْصِ وَجْهَيْنِ، وَيَتَوَجَّهَانِ فِي مَهْمَا، فَإِنِ اقْتَضَتْ فَوْرًا فَهِيَ فِي التَّكْرَارِ كَـ " مَتَى "، وَأَمَّا " كُلَّمَا " فَدَلَالَتُهَا عَلَى الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ " أَيُّ " و" مَتَى "، فَإِذَا صَارَتَا لِلْفَوْرِ عِنْدَ اتِّصَالِهِمَا بِلَمْ، فَلِأَنْ تَصِيرَ " كُلَّمَا " كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (إِلَّا " إنْ ") أَيْ: مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ - لَمْ يَقَعْ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إِيقَاعِهِ بِمَوْتٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَفِي " إِذَا " وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي، نَصَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْمِلُ شَرْطًا بِمَعْنَى " إِنْ " كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَإِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ

فَجَزَمَ بِهَا كَـ " إِنْ "؛ وَلِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى " مَتَى " و" إِنْ "، فَلَا يَقَعُ بِالشَّكِّ، وَالثَّانِي: عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَيَكُونُ كَمَتَى، فَأَمَّا الْمُجَازَاةُ بِهَا، فَلَا تُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا.

مَسْأَلَةٌ: قَدْ عُلِمَ حُكْمُ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ، وَأَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ عَلَى التَّرْكِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ "؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَصْدِ، وَالْقَصْدِ هُوَ النِّيَّةُ؛ وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، فَأَثَّرَ فِيهِ تَعْيِينُ النِّيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ إِذَا نَوَى قَطْعَهُمَا - ذَكَرَهُ فِي " الْوَاضِحِ ".

تَذْنِيبٌ: قَوْلُهُمُ الْأَدَوَاتُ الْأَرْبَعُ فِي النَّفْيِ عَلَى الْفَوْرِ صَحِيحٌ فِي " كُلَّمَا " و" أَيُّ " و" مَتَى "، فَإِنَّهَا تَعُمُّ الزَّمَانَ بِخِلَافِ " مَنْ "؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ، وَإِنَّمَا تَعُمُّ الْأَشْخَاصَ، فَلَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ، فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ: مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ طَلَاقُهَا، أَوْ يَنْوِيَ وَقْتًا أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ.

(فَإِذَا قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَوْ إِذَا قُمْتِ، أَوْ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ، أَوْ مَتَى قُمْتِ، أَوْ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى قَامَتْ طُلِّقَتْ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْجَزَاءِ، وَعَدَمَهُ عَدَمَهُ إِلَّا أَنْ يُعَارِضَ مُعَارِضٌ (وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلَاقُ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّكْرَارِ (إِلَّا فِي " كُلَّمَا ") فَإِنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (و" مَتَى " فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى مُقْتَضَاهَا التَّكْرَارُ وَعَدَمُهُ، وَلَوْ قُمْنَ الْأَرْبَعُ فِيمَنْ قَامَتْ وَأَيَّتُكُنَّ قَامَتْ، أَوْ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>