للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الَّتِي خَرَجَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ - رُدَّتْ إِلَيْهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَتْ، أَوْ تَكُونُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: تُطَلَّقُ الْمَرْأَتَانِ.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ، وَنَوَى مُعَيَّنَةً - انْصَرَفَ إِلَيْهَا، وَإِنْ نَوَى مُبْهَمَةً فَهِيَ مُبْهَمَةٌ فِيهِنَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالْمَذْهَبُ: تُطَلَّقُ نِسَاؤُهُ، وَتُعْتَقُ إِمَاؤُهُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ الْمُضَافَ يُرَادُ بِهِ الْكُلُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمِيعِ إِلَّا مَجَازًا، وَلَوِ احْتُمِلَ وَجَبَ صَرْفُهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهَذَا أَصَحُّ.

(وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا) أَيْ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَأُنْسِيَهَا أَنَّهَا تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ النِّسْيَانِ لَا تُعْلَمُ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا، فَوَجَبَ أَنْ تُشْرَعَ الْقُرْعَةُ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ تَجِبُ النَّفَقَةُ حَتَّى يُقْرِعَ، وَقَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ هُنَا لِمَعْرِفَةِ الْحِلِّ، وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ لِبَيَانِ الْمِيرَاثِ.

قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لَا يَنْبَغِي أَنْ يُثْبَتَ الْحِلُّ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَالْكَلَامُ إِذًا فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِي الْمَنْسِيَّةِ فِي التَّوْرِيثِ، الثَّانِي: اسْتِعْمَالُهَا فِي الْحِلِّ، فَالْأَوَّلُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ إِذَا تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ إِلَّا بِالْقُرْعَةِ - صَحَّ، كَالشُّرَكَاءِ فِي الْقِسْمَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهَا؛ لِأَنَّهَا اشْتَبَهَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، فَلَمْ تَحِلَّ إِحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ (وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الَّتِي خَرَجَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ - رُدَّتْ إِلَيْهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهَا غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ، وَالْقُرْعَةُ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ وَلَا كِنَايَةٍ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ تَزَوَّجَتْ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَتْ) ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ الثَّانِي (أَوْ تَكُونُ) الْقُرْعَةُ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ؛ لِأَنَّ قُرْعَةَ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا حُكْمٌ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ رَفْعُ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>