للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدْخَلَ لَهَا هَاهُنَا، وَتَحْرُمَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا، كَمَا لَوِ اشْتَبَهَتِ امْرَأَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ.

وَإِنْ طَارَ طَائِرٌ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ -

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ تَأْثِيرًا فِي التَّحْرِيمِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ) وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ": (تُطَلَّقُ الْمَرْأَتَانِ) أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَحَقِيقَةٌ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ بِالْقُرْعَةِ فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ إِذَا وَقَعَ يَسْتَحِيلُ رَفْعُهُ؛ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ وَلَا يَرِثُهَا، وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَالْأَوْلَى بِالْقُرْعَةِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ فِي " الرِّعَايَةِ " عَلَى قَوْلِهِمَا: إِنْ مَاتَ قَبْلَهَا أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ، فَمَنْ قُرِعَتْ لَمْ تَرِثْ، وَإِنْ مَاتَتَا، أَوْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَهُ، فَمَنْ قُرِعَتْ لَمْ يَرِثْهَا مَعَ طَلَاقٍ بَائِنٍ (وَالصَّحِيحُ) عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ، وَهُوَ رِوَايَةُ (أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هَاهُنَا) أَيْ: فِي الْمُعَيَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا (وَتَحْرُمَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا، كَمَا لَوِ اشْتَبَهَتِ امْرَأَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ) ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُزِيلُ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَا تَرْفَعُ الطَّلَاقَ عَمَّنْ وَقَعَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوِ ارْتَفَعَ لَمَا عَادَ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ، وَفَارَقَ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا، أَوْ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ نَسِيَهَا، فَانْقَضَتْ عِدَّةُ الْجَمِيعِ، فَلَهُ نِكَاحُ خَامِسَةٍ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَمَتَى عَلِمْنَاهَا بِعَيْنِهَا، فَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا، وَقِيلَ: مِنْ حِينِ التَّعْيِينِ، فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ التَّعْيِينِ، فَعَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدَةٍ الْأَطْوَلُ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ.

(وَإِنْ طَارَ طَائِرٌ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ) وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَهُ (فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَنْ وُجِدَ شَرْطُ طَلَاقِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهَا، لَكِنْ لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَعْلَمَاهُ - لَمْ تُطَلَّقَا، وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ، إِلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ - لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إِذَا لَمْ يُعْلَمْ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا، فَلَا يَزُولُ يَقِينُ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ فِي الْحِنْثِ، فَإِنِ ادَّعَتْ حِنْثَهُ، قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَالْيَقِينُ فِي جَانِبِهِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>