الْفَيْئَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنِ الْوَطْءِ أُمِرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُكِ، ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، أَوْ يُطَلِّقُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِحْرَامٍ (لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفَيْئَةِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِهَتِهَا، وَلِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَكِنْ تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ إِلَى زَوَالِ الْعُذْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لِلْمُدَّةِ كَالْحَيْضِ، أَوْ كَانَ الْعُذْرُ حَدَثَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. وَفِي " الرِّعَايَةِ " لَمْ تُطَالِبْ بِفَيْئَةِ الْوَطْءِ حَتَّى يَزُولَ ذَلِكَ. وَفِي فَيْئَةِ الْقَوْلِ وَجْهَانِ (وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنِ الْوَطْءِ) كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ مُطْلَقًا، (أُمِرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ) وَلَا يُمْهَلَ لِفَيْئَةِ اللِّسَانِ (فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُكِ) ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْفَيْئَةِ تَرْكُ مَا قَصَدَهُ مِنِ الْإِضْرَارِ. وَقَدْ تَرَكَ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِمَا أَتَى بِهِ مِنَ الِاعْتِذَارِ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْعُذْرِ يَقُومُ مُقَامَ فِعْلِ الْقَادِرِ بِدَلِيلِ إِشْهَادِ الشَّفِيعِ عَلَى الطَّلَبِ بِهَا. وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: نَدِمْتُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ يُظْهِرَ رُجُوعَهُ عَنِ الْمَقَامِ عَنِ الْيَمِينِ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ فَيْئَةَ الْمَعْذُورِ أَنْ يَقُولَ فِئْتُ إِلَيْكَ، وَقَالَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَاخْتَارَهُ الْخُرْقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْحُلْوَانِيُّ؛ لِأَنَّ وَعْدَهُ بِالْفِعْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ قَصْدِ الْإِضْرَارِ. (ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، أَوْ يُطَلِّقُ) . صَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ حَقَّهَا لِعَجْزِهِ عَنْهُ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَنْ يُوَفِّيَهَا إِيَّاهُ كَالدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّهُ فَاءَ مَرَّةً، فَلَا يَلْزَمُهُ أُخْرَى كَالْوَطْءِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فَيْئَتَهُ بِالْقَوْلِ لَيْسَ عَيْنَ حَقِّهَا، وَإِنَّمَا هُوَ وَعْدٌ بِإِيفَاءِ حَقِّهَا، فَحَقُّهَا الْأَصْلِيُّ بَاقٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ فِعْلِهِ فَلَزِمَهُ كَمَا لو لَمْ يَفِءْ بِلِسَانِهِ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ الْعَاجِزِ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ فِي الْأَصَحِّ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّ مِنْ أَفَاءَ بِلِسَانِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute