للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ مُظَاهِرًا فَقَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي، أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَإِنْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتِي، أَوْ أَتَغَدَّى، أَوْ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ، أَوْ أَنَامَ، فَإِنِّي نَاعِسٌ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَفْعَلِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَعَدَ بِفِعْلِهِ كَالْمَدِينِ إِذَا أَعْسَرَ (وَإِنْ كَانَ مُظَاهِرًا) لَمْ يَطَأْ حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِذَا وَطِئَ صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهَا وَزَالَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ. (فَقَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي، أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّهَا مُدَّةَ قَرِيبَةٌ. فَالظِّهَارُ كَالْمَرَضِ عِنْدَ الْخرْقِيِّ، وَكَذَا الِاعْتِكَافُ الْمَنْذُورُ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُظَاهِرَ لَا يُمْهَلُ وَيُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ عُذْرِ مَنْ فِعْلِهِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، لَا يُمْهِلُ مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ بِسَبَبٍ مِنْهُ، فَلَا يُسْقِطُ حُكْمًا وَاجِبًا وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الْوَطْءِ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، أَشْبَهَ الْمَرِيضَ، فَإِنْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَطْلُبَ رَقَبَةً، أَوْ أُطْعِمَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّكْفِيرِ فِي الْحَالِ لَمْ يُمْهَلْ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْهَلُ لِلْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُمْهِلَ. ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَلَا يُمْهَلُ لِصَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ. وَقِيلَ: بَلَى، فَإِنْ وَطِئَهَا فَقَدْ عَصَى، وَانْحَلَّ إِيلَاؤُهُ وَلَهَا مَنْعُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي يَلْزَمُهَا التَّمْكِينُ، فَإِنِ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ. وَقَدْ بَذَلَهُ لَهَا وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ وَطْءٌ حَرَامٌ، فَلَا يَلْزَمُ التَّمْكِينُ مِنْهُ كَالْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ (وَإِنْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتِي، أَوْ أَتَغَدَّى، أَوْ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ، أَوْ أَنَامُ، فَإِنِّي نَاعِسٌ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ، وَلَا يُمْهَلُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ، وَإِنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يَنْظُرَ فِي صَوْمِهِ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، أَوْ يَحُلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ أُمْهِلَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِيهِ.

١ -

فَرْعٌ: إِذَا كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَا لِوَلِيِّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا طَرِيقُهُ الشَّهْوَةُ، وَإِنْ كَانَتَا مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُمَا لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَأَفَاقَتِ الْمَجْنُونَةُ وَبَلَغَتِ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَهُ تَمَّمَتْ، ثُمَّ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَهُمَا الْمُطَالَبَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>