للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَكَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ مِثْلُهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ مِثْلُهُمَا إِلَّا فِي الْإِطْعَامِ فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِذا وَجَبَتْ، وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَعْسَرَ لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا الْعِتْقُ، وَإِنْ وَجَبَتْ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمُؤَلِّفَ وَغَيْرَهُ: أَوْ لِشَبَقٍ. وَفِي " التَّرْغِيبِ ": أَوْ لِضَعْفِهِ عَنْ مَعِيشَةٍ تَلْزَمُهُ. وَفِي " الرَّوْضَةِ " لِضَعْفٍ عَنْهُ، أَوْ كَثْرَةِ شُغْلٍ، أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ. {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} [المجادلة: ٣] الْآيَتَيْنِ «وَلِحَدِيثِ خُوَيْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ حِينَ ظَاهَرَ مِنْها، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَتْ، يَعْنِي امْرَأَتَهُ: لَا يَجِدُ، قَالَ: فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ: فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَهَذَا التَّرْتِيبُ لَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا كَانَ الْمَظَاهِرُ حُرًّا وَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ (وَكَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي) نَهَارِ (رَمَضَانَ مِثْلُهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَقَدْ سَبَقَ. (وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ مِثْلَهُمَا) لِأَنَّ التَّحْرِيرَ، وَالصِّيَامَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (إِلَّا فِي الْإِطْعَامِ فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ كَالْعِتْقِ، وَالصِّيَامِ.

وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، اخْتَارَهَا فِي " التَّبْصِرَةِ " وَ " الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ " ; لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ فِيهَا عِتْقٌ وَصَوْمٌ، فَكَانَ فِيهَا إِطْعَامٌ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ. (وَالِاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ كَالْحَدِّ. نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَبَ، وَهُوَ عَبْدٌ، فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى عَتَقَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ. وَقَالَهُ الْأَثْرَمُ (فَإِذا وَجَبَتْ، وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أُعْسِرَ لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا الْعِتْقُ) ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ إِلَّا بِهِ.

(وَإِنْ وَجَبَتْ، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ) لِأَنَّه غَيْرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: الصَّوْمُ بَدَلٌ عَنِ الْعِتْقِ، فَإِذَا وَجَدَ مَنْ يُعْتِقُهُ وَجَبَ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، أَوْ فِيهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْمَاءَ إِذَا وُجِدَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ بَطَلَ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ لَوْ وُجِدَ بَعْدَ فِعْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ. (وَلَهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ) لَأَنَّ الْعِتْقَ هُوَ الْأَصْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>