يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ وَلَهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ. وَعَنْهُ فِي الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الِاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إِلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ، ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ كَسَائِرِ الْأُصُولِ (وَعَنْهُ فِي الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ) بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا إِنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ ; لِأَنَّهُ حَنِثَ، وَهُوَ عَبْدٌ، فَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُهُ إِلَّا الصَّوْمُ. وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ عَبْدٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ، فَإِنْ كَفَرَ بِهِ أَجْزَأَهُ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ فِي رِقِّهِ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِحُرِّيَّتِهِ كَالْحَدِّ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَعَلَى الْأُخْرَى هُوَ كَالْحُرِّ ; لِأَنَّ رِقَّهُ جَعَلَهُ كَالْمُعْسِرِ، فَإِذَا أَتَى بِالْعِتْقِ وَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ. (وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الِاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ) لِأَنَّهَا حَقٌّ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِوُجُودِ الْمَالِ فَاعْتُبِرَتْ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ كَالْحَجِّ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةُ الْعُمُرِ وَجَمِيعُهُ وَقْتٌ لَهَا، فَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْ وَقْتِهِ وَجَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا، (فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إِلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ) لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ ; لِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ شُرِعَ فِي الصَّوْمِ، ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ) . وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعِتْقِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِالصِّيَامِ أَشْبَهُ مَا لَوِ اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ إِلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمُبْدَلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ كَالْمُتَمَتِّعِ يَجِدُ الْهَدْيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي صِيَامِ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ، وَيُفَارِقُ مَا إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَضَاءَهَا يَسِيرٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: السُّنَّةُ فِيمَنْ صَامَ مِنَ الشَّهْرَيْنِ، ثُمَّ أَيْسَرَ أَنْ يَمْضِيَ. وَذَكَرَ فِي " الْمُبْهِجِ "، وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَدَاءِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حَالَةُ الْأَدَاءِ كَالْوُضُوءِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ) الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ، وَقَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ ; لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، أَوْ فِيهَا.
أَصْلٌ: إِذَا تَكَلَّفَ الْعِتْقَ مِمَّنْ فَرْضُهُ الصِّيَامُ أَجْزَأَهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِذَا قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ فَوَقْتُهُ فِي الظِّهَارِ مِنْ حِينِ الْعَوْدِ لَا وَقْتَ الْمُظَاهَرَةِ ; لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute