للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَا أُمَّ وَلَدِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ، وَلَا مَكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا فِي اخْتِيَارِ شُيُوخِنَا. وَعَنْهُ: يُجْزِئُ. وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ مَكَاتَبٌ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَيُخَالِفُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَائِعَ يُعْتِقُهُ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتِقْهُ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِإِعْتَاقِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ.

الثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ إِعْتَاقَهُ، وَالْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ. (وَلَا مَنِ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ قَوْلُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ; لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ نَقَصَهُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِ هَذَا الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَنِ الْعِتْقِ عِوَضًا، فَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ. وَعَنْهُ: بَلَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَالًا، أَوْ خِدْمَةً لَمْ يُجْزِئْهُ. (وَلَا أُمَّ وَلَدِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ) وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالْأَكْثَرُ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَا لَوِ اشْتَرَى قَرِيبَةً، أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ. وَكَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَالثَّانِيَةُ: يُجْزِئُ. قَالَهُ الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَمُعْتِقُهَا قَدْ حَرَّرَهَا. وَجَوَابُهُ: الْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. (وَلَا مُكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا فِي اخْتِيَارِ شُيُوخِنَا) وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَدَّى شَيْئًا فَقَدْ حَصَلَ الْعِوَضُ عَنْ بَعْضِهِ، فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقَبَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا أَنَّهُ يُجْزِئُ عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً سَالِمَةَ الْخَلْقِ تَامَّةَ الْمِلْكِ فَأَجْزَأَ كَالْمُدَبَّرِ. (وَعَنْهُ: يُجْزِئُ) وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَأَجْزَأَ عِتْقُهُ عَنْهَا كَالْمُدَبَّرِ، وَلِأَنَّهُ رَقَبَةٌ فَيَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْآيَةِ.

(وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ مَكَاتَبٌ بِحَالٍ) قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْأَكْثَرُ ; لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ إِبْطَالَ كِتَابَتِهِ، أَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ مِنْ كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ جَازَ بَيْعُهُمَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابَلَةٍ مِنْهُ عِوَضٌ، بِخِلَافِ مَكَاتَبٍ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْمَكَاتَبِ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>