للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخَامِسَةَ أَمَرَ الْحَاكِمَ رَجُلًا فَأَمْسَكَ يَدَهُ عَلَى فِي الرَّجُلِ وَامْرَأَةً تَضَعُ يَدَهَا عَلَى فِي الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَعِظُهُ، فَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

" الْكَافِي " ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ الرَّجُلَ بِإِحْضَارِ امْرَأَتِهِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِزَمَنٍ، وَلَوْ خَصَّهُ لَنُقِلَ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي " الْفُرُوعِ " وَخَصَّهُمَا فِي " التَّرْغِيبِ " بِالذِّمَّةِ. وَظَاهِرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَعَلَى هَذَا يَحْضُرُهُمْ فِي أَوْقَاتِهِمُ الْمُعَظَّمَةِ وَبُيُوتِ عِبَادَتِهِمْ كَالْكَنَائِسِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَبُيُوتِ النَّارِ لِلْمَجُوسِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُغْلِظَ بِالْمَكَانِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُسْلِمَةُ حَائِضًا، وَقَفَتْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ. (وَإِذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخَامِسَةَ أَمَرَ الْحَاكِمُ رَجُلًا فَأَمْسَكَ يَدَهُ عَلَى فِي الرَّجُلِ وَامْرَأَةً تَضَعُ يَدَهَا عَلَى فِي الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَعِظُهُ) ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأَمْسَكَ عَلَى فِيهِ، فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: وَيْحَكَ كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ، فَقَالَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ دَعَا بِهَا فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأَمْسَكَتْ عَلَى فِيهَا فَوَعَظَهَا، وَقَالَ: وَيْلُكِ، كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ» . أَخْرَجَهُ الْجَوْزَجَانِيُّ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاعِظَ هُوَ الْحَاكِمُ. وَحَكَاهُ فِي " الرِّعَايَةِ " قَوْلًا (فَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ) لِلَّعْنَةِ وَالْغَضَبِ مِنَ اللَّهِ. (وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ) لِمَا «رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةَ قِيلَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ، وَفِيهِ فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ» ; لِأَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا مُنْقَطِعٌ وَعَذَابُ الْآخِرَةِ دَائِمٌ ; لِيَتُوبَ الْكَاذِبُ مِنْهُمَا وَيَرْتَدِعَ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ. (وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ) أَوْ نَائِبِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ، فَإِنْ تَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا فَلَاعَنَ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ اللِّعَانَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيظِ، فَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ كَالْحَدِّ. وَحَكَى الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ يَنْفُذُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ، أَوْ مَمْلُوكَيْنِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>