وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً بَعَثَ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ. وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لِمَنِ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ مِنَ الزِّنَا. وَتَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْحَدِّ. وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِقَامَتَهُ عَلَى أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ، ثُمَّ لَا يُشْبِهُ اللِّعَانُ الْحَدَّ ; لِأَنَّهُ زَجْرٌ وَتَأْدِيبٌ، وَاللِّعَانُ: إِمَّا شَهَادَةٌ، أَوْ يَمِينٌ فَافْتَرَقَا. (فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، يَعْنِي: شَدِيدَةَ الْحَيَاءِ، وَهِيَ ضِدُّ الْبَرْزَةِ (بَعَثَ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي: نَائِبَهُ وَعُدُولًا، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى نَائِبِهِ جَازَ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا يَبْعَثُ مَنْ يَسْتَحْلِفُهُمَا فِي الْحُقُوقِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِبَعْثِ مَنْ يَثِقُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ إِلَى إِحْضَارِهَا وَتَرْكِ عَادَتِهَا مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِهِ. وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مَعَ غَيْبَتِهَا وَتُلَاعِنَ مَعَ غَيْبَتِهِ.
(وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ، أَوْ بكَلِمَاتٍ ; لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، أَشْبَهُ مَا لَوْ لَمْ يَقْذِفْ غَيْرَهَا وَيَبْدَأُ بِلِعَانِ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْمُطَالَبَةِ، فَإِنْ طَالَبْنَ جَمِيعًا، أَوْ تَشَاحَحْنَ، فَالْقُرْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ مَعَ الْمُشَاحَّةِ جَازَ. (وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ اللِّعَانَ تَابِعٌ لِلْقَذْفِ، وَالْقَذْفُ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَكَلِمَتُهُ وَاحِدَةٌ، فَعَلَى هَذَا (يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَتَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا) ، لِأَنَّ حَلْفَهُنَّ جُمْلَةً لَا يُمْكِنُ. (وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ، فَخَرَجَ عَنْ عُهْدَتِهِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَذَفَ وَاحِدَةً. (وَإِنْ قَذْفَهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute