أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَسْتَبْرِئْ، وَلَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي لَهُ بِهِ. فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ بَيْعِهَا لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ، فَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ. وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَهُ نَسَبُهُ مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا وَطِئَ الْمَجْنُونُ مَنْ لَا مُلْكَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا شِبْهَ مُلْكٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ النَّسَبُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنِ اسْتَبْرَأَتْ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ) ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنَ الْحَمْلِ، وَقَدْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ لِوُجُودِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ. فَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحٍ، (وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَسْتَبْرِئْ، وَلَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي لَهُ بِهِ) لِأَنَّهُ وَلَدُ أَمَةِ الْمُشْتَرِي، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِهِ لَهُ إِلَّا بِإِقْرَارٍ مِنَ الْمُشْتَرِي، (فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ بَيْعِهَا لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ) ، سَوَاءٌ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهَا ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ، (إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْوَلَدِ أَنَّهُ ابْنٌ لِلْبَائِعِ، (فَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا يَثْبُتُ بِاتِّفَاقِهِمَا، (وَإِنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي) . وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْإِيلَادِ ; لِأَنَّ الْمُلْكَ انْتَقَلَ إِلَى الْمُشْتَرِي فِي الظَّاهِرِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا يُبْطِلُ حَقَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَهُ نَسَبُهُ مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَ الْوَاحِدِ مَمْلُوكًا لِآخَرَ كَوَلَدِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ إنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَوْ أَعْتَقَهُ كَانَ أَبُوهُ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَا إِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ، أَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا، فَقَالَ: إِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ. قَالَه الْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي النَّسَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ وَجْهَانِ.
(وَإِذَا وَطِئَ الْمَجْنُونُ مَنْ لَا مُلْكَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا شِبْهة مُلْكٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute