أَنْ يَنْفُذَ حُكْمَهُ بَاطِنًا فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ، وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ. وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ رُدَّتْ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَ الثَّانِي وَيَأْخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَذَفَ ; لِأَنَّ نِكَاحَهُ بَاقٍ بِدَلِيلِ تَخْيِيرِهِ فِي أَخْذِهَا (وَيَتَخَرَّجُ أَنَّ يُنَفِّذَ حُكْمَهُ بَاطِنًا) هَذَا رِوَايَةٌ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّهُ يُنَفَّذُ بَاطِنًا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ فِي قَوْلٍ، وَهَذَا فَسْخٌ فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي، وَلَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ (فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ، وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِفُرْقَةِ الْحَاكِمِ فِي مَحَلٍّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَمَا لَوْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِعُسْرَتِهِ، أَوْ عُنَّتِهِ فَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا الْإِرْثُ (وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ) أَيْ: تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَاعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ رُدَّتْ إِلَيْهِ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا حَيَاتَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ فَبَانَ حَيًّا، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ، أَشْبَهَ مِلْكَ الْمَالِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهَا تُرَدُّ إِلَيْهِ مُطْلَقًا، وَكَذَا إِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ (إِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا) فَتَكُونُ زَوْجَةَ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بَاطِلًا ; لِأَنَّهُ صَادَفَ امْرَأَةً ذَاتَ زَوْجٍ وَتَعُودُ إِلَيْهِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ عَلَى الثَّانِي صَدَاقٌ لِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ دُخُولٌ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، حَكَاهَا الْقَاضِي وَأَخَذَهَا مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ: إِذَا تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ فَجَاءَ خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا وَوَطْئِهِ (خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْهُ) فَتَكُونُ امْرَأَتَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ (وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَ الثَّانِي) لِقَوْلِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَقَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ الْإِجْمَاعِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَمْسَكَهَا الْأَوَّلُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، وَلَا يَحْتَاجُ الثَّانِي إِلَى طَلَاقٍ فِي الْمَنْصُوصِ ; لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ بَاطِلًا فِي الْبَاطِنِ، وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِهِ إنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى طَلَاقٍ كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، وَيَجِبُ اعْتِزَالُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهَا كَانَتْ عِنْدَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ فِي الْأَشْهَرِ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ تَجْدِيدُ عَقْدٍ، وَالْقِيَاسُ: بَلَى، وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ عَقْدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute