للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا أَوِ الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تُرَدَّ إِلَى الْأَوَّلِ. وَلَا خِيَارَ إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، وَنَقُولُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ، فَأَمَّا مَنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتِّجَارَةِ وَالسِّيَاحَةِ، فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَبْقَى أَبَدًا حَتَّى تَتَيَقَّنَ مَوْتَهُ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِمَجِيءِ الْأَوَّلِ، وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ (وَيَأْخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ) أَيْ: مَنِ الثَّانِي لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ بِعَقْدٍ وَدُخُولٍ (وَهَلْ يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا أَوِ الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ ". إِحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْكَافِي " لِقَضَاءِ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَلِأَنَّ الثَّانِي أَتْلَفَ الْمُعَوَّضَ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ إِذَا رَجَعُوا فَعَلَيْهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إِلَيْهَا الصَّدَاقَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ فِي قَدْرِ مَا قُبِضَ مِنْهُ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَرْجَعُ بِالْمَهْرِ الَّذِي أَصْدَقَهَا الثَّانِي ; لِأَنَّهُ بَذَلَهُ عِوَضًا عَمَّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْأَوَّلِ، فَكَانَ أَوْلَى، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَيْهَا بِمَا أُخِذَ مِنْهُ فِي رِوَايَةٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالْقِيَاسُ لَا رُجُوعَ، ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَجَمَعَ (وَالْقِيَاسُ أَنْ تُرَدَّ إِلَى الْأَوَّلِ، وَلَا خِيَارَ) لَهُ ; لِأَنَّهُ زَوْجُهَا، وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ فَرُدَّتْ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ لِبَيِّنَةٍ قَامَتْ بِوَفَاتِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ كَذِبُهَا بِقُدُومِهِ حَيًّا (إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، وَنَقُولُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ) لِأَنَّ نِكَاحَهُ وَقَعَ بَعْدَ بُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَوَّلِ، وَقَضَاءِ عِدَّتِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ مَوْتِهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ؛ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ مَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ، فَالْفُرْقَةُ، وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفًا، فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي (فَأَمَّا مَنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتِّجَارَةِ) فِي غَيْرِ مَهْلَكَةٍ (وَالسِّيَاحَةِ) فِي الْأَرْضِ لِلتَّعَبُّدِ، وَالتَّرَهُّبِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَازِي، وَقِيلَ: طَالِبُ الْعِلْمِ (فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَبْقَى أَبَدًا حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>