لِتِسْعِينَ عَامًا مَعَ سَنَةٍ يَوْمَ وُلِدَ ثُمَّ تَحِلُّ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْأَسِيرِ وَمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَتَيَقَّنَ مَوْتَهُ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي " الْكَافِي " فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ كَغَيْبَةِ ابْنِ تِسْعِينَ ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَقَدَّمَ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهَا تَبْقَى مَا رَأَى الْحَاكِمُ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " تَبْقَى إِلَى أَنْ يَثْبُتَ مَوْتُهُ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ، لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ فِي الْغَالِبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ لِتِسْعِينَ عَامًا مَعَ سَنَةِ يَوْمِ وُلِدَ) نَقَلَهَا عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ ; لِأَنَّهُ الْعُمُرُ الطَّبِيعِيُّ، قُلْنَا: التَّحْدِيدُ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ، وَلِأَنَّ تَقْدِيرَهُ بِذَلِكَ يُفْضِي إِلَى اخْتِلَافِ الْعِدَّةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ، وَخَبَرُ عُمَرَ وَرَدَ فِيمَنْ ظَاهِرُ غَيْبَتِهِ الْهَلَاكُ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (ثُمَّ تَحِلُّ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِمَوْتِهِ، أَشْبَهَ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ الَّذِي غَيْبَتُهُ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ هَذِهِ غَيْبَةٌ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ، فَلَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ كَمَا قَبْلَ التِّسْعِينَ، وَمَتَى ظَهَرَ مَوْتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ فَكَمَفْقُودٍ، وَتَضْمَنُ الْبَيِّنَةُ مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ وَمَهْرِ الثَّانِي (وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْأَسِيرِ) وَكَذَا فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، أَيْ: حُكْمُهَا حُكْمُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ ; لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فَوَجَبَ تَسَاوِيهِمَا حُكْمًا، لَكِنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تُتَيَقَّنَ وَفَاتُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ يُعْرَفُ خَبَرُهُ وَيَأْتِي كِتَابُهُ فَلَيْسَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي قَوْلِهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ فَسْخَ النِّكَاحِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": وَإِنْ غَابَ وَعُلِمَ خَبَرُهُ بَقِيَتِ الزَّوْجَةُ مَعَ النَّفَقَةِ وَعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ الْوَاجِبِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ فَزَوْجَتُهُ بَاقِيَةٌ حَتَّى يُعْلَمَ مَوْتُهُ، أَوْ رِدَّتُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute