بِهِمَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُمَا وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ. وَعَنْهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَدْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا مِنْهُمَا، وَفِي " الِانْتِصَارِ " احْتِمَالٌ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْآخَرِ كَمَوْطُوءَةٍ لِاثْنَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي، فَهُوَ لَهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ: فَإِنِ ادَّعَيَاهُ فَالْقَافَةُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَهَا وَيُؤَدَّبَانِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الْمُؤَلِّفُ عَلَى مَا إِذَا نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمَا، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَتَتْ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنَ الثَّانِي فَعَلَيْهَا أَنْ تُكْمِلَ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، لِتُسْقِطَ الْفَرْضَ بِيَقِينٍ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهَا إِذَا وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهَما، وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُ ; لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ آخَرَ (وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَيْهِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَكَمَا لَوْ زَنَى بِهَا وَآيَاتُ الْإِبَاحَةِ عَامَّةٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْعِدَّةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِحِفْظِ النَّسَبِ وَصِيَانَةً لِلْمَاءِ، وَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِلنّظر، وَوَجْهُ تَحْرِيمِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥] الْآيَةَ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ يَفْسَدُ بِهِ النَّسَبُ، فَلَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِهَذَا النِّكَاحِ، وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا بَعْدَ الْعِدَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ) لِقَوْلِ عُمَرَ: لَا تَنْكِحُهَا أَبَدًا. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَلأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ الْحَقَّ قَبْلَ وَقْتِهِ فَحَرَّمَهُ فِي وَقْتِهِ كَالْوَارِثِ إِذَا قَتَلَ مُورِّثَهُ وَكَاللِّعَانِ، وَقِيلَ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَحَكَاهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " رِوَايَةً.
فَرْعٌ: كَلُّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالزَّانِيَةِ، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ فَقِيَاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute