للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ، وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شَبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيهِ، أَوْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُمَا رَضْعَةٌ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْإِمْلَاجَتَانِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الثَّلَاثُ كَالْعَادَةِ فِي الْحَيْضِ (وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ) وَهِيَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَزَعَمَ اللَّيْثُ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ. وَعُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَعْدَادُ الرَّضَعَاتِ كَتَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَعَنْ حَفْصَةَ: عَشْرٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِالْعُمُومِ، أَوْ بِالْمَفْهُومِ، وَالصَّرِيحُ رَاجِحٌ عَلَيْهِمَا، وَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مُقَيَّدٌ بِسُنَّةِ نَبِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يَقِفِ اللَّيْثُ عَلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ، ثُمَّ تَرَكَهُ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ) كَذَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِّ الرَّضْعَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا إِلَى الْعُرْفِ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَنٍ، وَلَا مِقْدَارٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُمْ إِلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا ارْتَضَعَ، ثُمَّ قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ (فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى) لِأَنَّ الْعَوْدَ ارْتِضَاعٌ، فَكَانَ رَضْعَةً أُخْرَى كَالْأُولَى (بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ) إِذِ الْعِبْرَةُ بِتَعْدَادِ الرَّضَعَاتِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالرَّضْعَةِ، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَانٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ كَالْبَعِيدِ (وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيهِ) لِأَنَّ الْفَصْلَ مَوْجُودٌ فِي الْكُلِّ (أَوْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَا تَرَى الصَّبِيَّ يَرْضَعُ مِنَ الثَّدْيِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ النَّفَسُ أَمْسَكَ عَنِ الثَّدْيِ لِيَتَنَفَّسَ وَيَسْتَرِيحَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَلِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ السُّعُوطِ، وَالْوَجُورِ رَضْعَةٌ، فَكَذَا هُنَا (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فُهُمَا رَضْعَةٌ) لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>