بَيْنَهُمَا. وَالسُّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَيَحْرُمُ لَبَنُ الْمَيْتَةِ وَاللَّبَنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقَطْعَ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا) فَيَكُونَا رَضْعَتَيْنِ لِأَنَّ جَعْلَهُمَا رَضْعَةً يَلْغِي الزَّمَانَ مَعَ طُولِهِ، أَوِ انْتِقَالِهِ مِنِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا ; لِأَنَّ الْآكِلَ لَوْ قَطَعَ الْأَكْلَ لِلشُّرْبِ، أَوْ عَارَضَ وَعَادَ فِي الْحَالِ كَانَ أَكْلَةً وَاحِدَةً، فَكَذَا الرَّضَاعُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: حَدُّ الرَّضْعَةِ أَنْ يَمُصَّ، ثُمَّ يُمْسِكَ عَنِ الِامْتِصَاصِ لِتَنَفُّسٍ، أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ خَرَجَ الثَّدْيُ مِنْ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مَصَّةٍ أَثَرًا، وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْوَجُورِ، وَالسُّعُوطِ رَضْعَةٌ، فَالِامْتِصَاصُ أَوْلَى. ١
(وَالسُّعُوطُ) هُوَ أَنْ يَصُبَّ فِي أَنْفِهِ اللَّبَنَ مِنْ إِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ حَلْقَهُ (وَالْوَجُورُ) هُوَ أَنْ يَصُبَّهُ فِي حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " (كَالرَّضَاعِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ الْأَصَحُّ وِفَاقًا لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ هَذَا يَصِلُ إِلَيْهِ اللَّبَنُ كَمَا يَصِلُ بِالِارْتِضَاعِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحَرِّمُ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فِي السُّعُوطِ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَصَلَ مِنْ جُرْحٍ فِي بَدَنِهِ، وَعَلَى الْأَوْلَى إِنَّمَا يُحَرَّمُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُحَرَّمُ بِالرَّضَاعِ، وَهُوَ خَمْسٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، فَإِنَّهُ فَرْعٌ عَلَى الرَّضَاعِ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، وَالِاعْتِبَارُ بِشُرْبِ الطِّفْلِ لَهُ، فَأَمَّا إِنْ سَقَاهُ جَرْعَةً بَعْدَ أُخْرَى مُتَتَابِعَةً فَرَضْعَةٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ ; لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الرَّضْعَةِ الْعُرْفُ وَهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا رَضَعَاتٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى مَا إِذَا قُطِعَتْ عَلَيْهِ الرَّضَاعُ
١ -
(وَيَحْرُمُ لَبَنُ الْمَيْتَةِ) وَهُوَ كَلَبَنِ الْحَيَّةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّهُ يُنْبِتُ اللَّحْمَ، وَنَجَاسَتُهُ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ حُلِبَ فِي إِنَاءٍ نَجِسٍ وَكَمَا لَوْ حُلِبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا فَشَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَتَوَقَّفَ عَنْهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مَهَنَّا ; لِأَنَّهُ لَبَنٌ لَيْسَ بِمَحَلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute