الْمَشُوبُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَنْشُرُهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْوِلَادَةِ، أَشْبَهَ لَبَنَ الرَّجُلِ (وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ) بِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِشَرَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ الْخَالِصِ وَالْمَشُوبِ كَالنَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ، وَالنَّجَاسَةِ الْخَالِصَةِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا) وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّ الْمَشُوبَ لَيْسَ بِلَبَنٍ خَالِصٍ، فَلَمْ يُحَرِّمْ كَالْمَاءِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ) وَذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَغْلَبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ، فَكَذَا هُنَا (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَغْلِبِ اللَّبَنُ لَمْ يُحَرِّمْ ; لِأَنَّهُ يَزُولُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ صِفَاتُ اللَّبَنِ بَاقِيَةً، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، فَلَوْ صَبَّهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ لَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَشُوبٍ، وَلَا يَحْصُلْ بِهِ التَّغَذِّي، وَلَا إِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَلَا إِنْشَارُ الْعَظْمِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحَرِّمُ ; لِأَنَّ أَجْزَاءَ اللَّبَنِ حَصَلَ فِي بَطْنِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا، وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ.
فَرْعٌ: إِذَا عَمِلَ اللَّبَنُ جُبْنَا حَرَّمَ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ وَاصِلٌ مِنَ الْحَلْقِ يَحْلُ بِهِ إِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَعَنْهُ لَا لِزَوَالِ الِاسْمِ، وَإِذَا قُلْنَا: الْوَجُورُ لَا يُحَرِّمُ فَهَذَا أَوْلَى.
(وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ) وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّغَذِّي، فَلَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ كَمَا لَوْ قَطَّرَ فِي إِحْلِيلِهِ وَكَمَا لَوْ وَصَلَ مِنْ جُرْحٍ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ) وَابْنُ أَبِي مُوسَى (تَنْشُرُهَا) لِأَنَّهُ سَبِيلٌ يَحْصُلُ بِالْوَاصِلِ مِنْهُ الْفِطْرُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَالرَّضَاعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى إِذِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِطْرِ، وَالرَّضَاعِ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إِنْشَارُ الْعَظْمِ، وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute