للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَهْرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ لَهَا، وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا سَقَطَ مَهْرُهَا. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ مَهْرُهَا وَلَمْ يُرْجَعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُرْجَعُ بِهِ أَيْضًا وَرَوَاهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَهْرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ لَهَا) لِأَنَّهُ قَرَّرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِعَرْضِ السُّقُوطِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ إِذَا رَجَعُوا، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ نِصْفُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ ; لِأَنَّ نِكَاحَهَا انْفَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا، وَالْفَسْخُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَطَلَاقِ الزَّوْجِ فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (سَقَطَ مَهْرُهَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّ الْفَسْخَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا لَوِ ارْتَدَّتْ، فَعَلَى هَذَا إِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى، فَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: تَرْجِعُ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا ; لِأَنَّهَا أَتْلَفَتِ الْبِضْعَ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَتِ الْمُرْضِعَةُ أَرَادَتِ الْفَسَادَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ ; لِأَنَّهَا قَرَّرَتْهُ عَلَيْهِ وَأَلْزَمَتْهُ إِيَّاهُ وَأَتْلَفَتْ عَلَيْهِ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَتَلَفَتْ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ، وَالْوَاجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى، لَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ، وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبِضْعِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَهَا بِقَتْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ) وَأَفْسَدَهُ غَيْرُهَا (وَجَبَ مَهْرُهَا) الْمُسَمَّى لَهَا (وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ) قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": هُوَ الْأَقْوَى، وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقَرِّرْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا، وَلَمْ يُلْزِمْهُ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الرُّجُوعَ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَسَقَطَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِلنِّكَاحِ كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ (وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا وَرَوَاهُ عَنْ أَحْمَدَ) أَيْ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ كُلَّهُ عَلَى زَوْجِهَا، فَتَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ كَنِصْفِ الْمَهْرِ في غير الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>