أَرْفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الدِّهْنِ وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ جَيِّدِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ، وَالْخَزِّ، وَالْإِبْرِيسَمِ، وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ وَمِقْنَعَةٌ وَمُدَاسٌ وَجُبَّةٌ فِي الشِّتَاءِ، وَلِلنَّوْمِ: الْفِرَاشُ، وَاللِّحَافُ، وَالْمِخَدَّةُ وَالزُّلِّيُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُوسِرِ قَدْرَ كِفَايَتِهَا مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ) الْخَاصِّ (وَأُدْمِهِ) الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهَا (الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَعَلَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِطْعَامُ الْمُوسِرَةِ خُبْزَ الْمُعْسِرَةِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْمُوسِرِ، وَالْمُعْسِرِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ التَّفْرِيقُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْعُرْفِ، وَأَهْلُ الْعُرْفِ يَتَعَارَفُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ جِنْسَ نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ أَعْلَى مِنْ جِنْسِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ، وَيَعُدُّونَ الْمُنْفِقَ مِنَ الْمُوسِرِينَ مِنْ جِنْسِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ بَخِيلًا، وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الدَّوَامِ، فَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ كَالْكِسْوَةِ، فَلَوْ تَبَرَّمَتْ مِنْ أُدْمٍ، نَقَلَهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَفْرِضُ لَحْمًا، عَادَةَ الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَقَدَّمَ فِي " الرِّعَايَةِ " كُلَّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ الْعَادَةَ، لَكِنْ يُخَالِفُ فِي إِدْمَانِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ (وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الدِّهْنِ) عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ كَالسَّمْنِ، وَالزَّيْتِ، وَالشَّحْمِ، وَالسِّيرْجِ، فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى حِدَتِهِ ; لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، أَشْبَهَ كَنْسَ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّارَ (وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ جَيِّدِ الْكَتَّانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَالْقُطْنِ، وَالْخَزِّ، وَالْإِبْرِيسَمِ) قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: الْخَزُّ ثِيَابٌ تُنْسَجُ مِنْ صُوفٍ، وَالْإِبْرِيسَمُ الْحَرِيرُ الْمُصْمَتُ، وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: هُوَ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، وَقِيلَ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كِسْوَتَهَا وَاجِبَةٌ إِجْمَاعًا ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا عَلَى الدَّوَامِ فَلَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهَا وَلَيْسَتْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ كَالنَّفَقَةِ وَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَاجْتِهَادِهِ فِي الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ (وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ) وَهِيَ مَا تَضَعُهُ فَوْقَ الْمِقْنَعَةِ وَتُسَمَّى الطَّرْحَةَ (وَمِقْنَعَةٌ وَمُدَاسٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ ; لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَيْءٍ يُوَارِي جَسَدَهُ، وَهُوَ الْقَمِيصُ، وَمِنْ شَيْءٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ، وَمِنْ شَيْءٍ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ الْوِقَايَةُ، وَمِنْ شَيْءٍ فِي رِجْلِهِ، وَهُوَ الْمَدَاسُ، وَمِنْ شَيْءٍ يُدْفِئُهُ (وَ) هُوَ (جُبَّةٌ فِي الشِّتَاءِ) وَمِنْ شَيْءٍ يَنَامُ فِيهِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلِلنَّوْمِ: الْفِرَاشُ، وَاللِّحَافُ، وَالْمِخَدَّةُ) وَمِنْ شَيْءٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَالزُّلِّيُّ لِلْجُلُوسِ وَرَفِيعُ الْحَصِيرِ) وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute