ذَلِكَ، وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ، وَلَا الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمُهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " لِحَدِيثِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَتَبَ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُنْفِقُوا، أَوْ يُطَلِّقُوا. وَهَذَا إِجْبَارٌ عَلَى الطَّلَاقِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْإِنْفَاقِ ; لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ مُتَعَذِّرٌ، فَكَانَ لَهَا الْخِيَارُ كَحَالِ الْإِعْسَارِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ، فَإِنَّهُ إِذَا جَازَ الْفَسْخُ عَلَى الْمَعْذُورِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَقَالَ الْقَاضِي) وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " (لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) أَيْ: لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ ; لِأَنَّ الْفَسْخَ لِعَيْبِ الْمُعْسِرِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا، وَلِأَنَّ الْمُوسِرَ فِي مَظِنَّةِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ، وَلِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ يُنْفِقُ لِطُولِ الْحَبْسِ. (وَإِنْ غَابَ) مُوسِرٌ (وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ، وَلَا الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى نَفَقَتِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ ثَبَتَ إِعْسَارُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً، أَوْ قَدَرَتْ عَلَى مَالٍ لَهُ، أَوْ عَلَى الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ - أَنَّهُ لَا فَسْخَ لَهَا ; لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ (إِلَّا عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ) لِأَنَّ الْفَسْخَ ثَبَتَ لِعَيْبِ الْإِعْسَارِ، وَلَمْ يَثْبُتِ الْإِعْسَارُ هُنَا وَهَذِهِ مِثْلُ الْأُولَى فِي الْفَسْخِ، بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْحَاضِرَ رُبَّمَا إِذَا طَالَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ أَنْفَقَ، وَهَذَا قَدْ تَكُونُ غَيْبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ، فَيَكُونُ الضَّرَرُ فِيهِ أَكْثَرَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُهُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ مُطْلَقًا.
تَذْنِيبٌ: إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُوسِرَةٌ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَلَا ; لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ فِي الْفَاضِلِ عَنِ الْكِفَايَةِ، وَلَا فَضْلَ لَهَا، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ إِنْفَاقِهِ حُسِبَ عَلَيْهَا، أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا، أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَمَبْلَغُ الْمَهْرِ، فَإِنْ عُلِمَ مَكَانُهُ، كَتَبَ: إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute