رِوَايَتَيْنِ. وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ إِلَّا نَفَقَةَ وَاحِدٍ بَدَأَ بِالْأَقْرَبِ، فَالْأَقْرَبِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكْفِيكِ وَوَلَدَكَ بِالْمَعْرُوفِ» وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ بَالِغًا، وَلَا صَحِيحًا، وَلِأَنَّهُ وَلَدٌ فَقِيرٌ فَاسْتَحَقَّ النَّفَقَةَ عَلَى وَالِدِهِ الْغَنِيِّ كَالزَّمِنِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَلَدِ، فَكَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: يَلْزَمُ ; لِأَنَّهُ فَقِيرٌ، وَالثَّانِيَةُ: إِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ تَلْزَمْ نَفَقَتُهُ، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى كَسْبِ مَا يَقُومُ بِهِ فَتَلْزَمُ نَفَقَتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، سَوَاءٌ كَانَ نَاقِصَ الْأَحْكَامِ، أَوِ الْخِلْقَةِ، وَظَاهِرُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَتَجِبُ نَفَقَتُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، أَوَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ، بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّ عَجْزَهُمَا أَبَلَغُ مِنْ عَجْزِ غَيْرِ الصَّحِيحِ، وَكَذَا إِذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ ; لِأَنَّ الْحِرْفَةَ تُغْنِيهِ وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الْفَقْرِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْحِرْفَةُ يَحْصُلُ بِهَا غِنَاهُ، فَإِنْ لَمْ تُغْنِهِ، فَالْخِلَافُ. وَعَنْهُ لَا نَفَقَةَ لِفَقِيرٍ غَيْرُ عَمُودَيِ النَّسَبِ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ؛ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأُولَةِ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ: يَلْزَمُهُ.
١ -
(وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ إِلَّا نَفَقَةُ وَاحِدٍ بَدَأَ) بِامْرَأَتِهِ ; لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، ثُمَّ بِرَقِيقِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَلِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ وَيُقَدَّمُ مَنْ يَخْدُمُهُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ (بِالْأَقْرَبِ، فَالْأَقْرَبِ) لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، ثُمَّ الْعَصَبَةِ، ثُمَّ التَّسَاوِي، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ وَارِثٌ، ثُمَّ التَّسَاوِي، وَفِي " الْمُحَرَّرِ ": فَإِنِ اسْتَوَيَا قَدَّمَ الْعَصَبَةَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا فُهِمَا سَوَاءٌ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ مَنِ امْتَازَ بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ، فَإِنْ تَعَارَضَتِ الْمَزِيَّتَانِ، أَوْ فُقِدَتَا فَهُمَا سَوَاءٌ (فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا) هَذَا هُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ لِتَسَاوِيهِمَا، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْأُمُّ ; لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَلَهَا فَضِيلَةُ الْحَمْلِ، وَالرَّضَاعِ، وَالتَّرْبِيَةِ، فَهُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا، وَالْمَذْهَبُ يُقَدِّمُ الْأَبَ عَلَيْهَا لِفَضِيلَتِهِ، وَانْفِرَادِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute