للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَالْأَفْضَلُ تُعْجِيلُهَا، إِلَّا فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنْ نَحْوِ الْمَشْرِقِ، لِلْعِلْمِ بِكَوْنِهَا قَدْ أَخَذَتْ مُغْرِبَةً، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّهْرِ، وَالْبَلَدِ، فَأَقَلُّ مَا تَزُولُ فِي إِقْلِيمِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الشِّيحِيُّ عَلَى قَدَمٍ وَثُلُثٍ فِي نِصْفِ حُزَيْرَانَ، وَيَتَزَايَدُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ عَشْرَةَ أَقْدَامٍ وَسُدُسٍ فِي نِصْفِ كَانُونَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَا تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَإِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ، فَقِفْ عَلَى مُسْتَوٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَعَلِّمِ الْمَوْضِعَ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ ظِلُّكَ، ثُمَّ ضَعْ قَدَمَكَ الْيُمْنَى بَيْنَ يَدَيْ قَدَمِكَ الْيُسْرَى، وَأَلْصِقْ عَقِبَكَ بِإِبْهَامِكَ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِسَاحَةَ هَذَا الْقَدْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ النَّقْصِ فَهُوَ وَقْتُ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَتَجِبُ بِهِ الظُّهْرُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَشَرَطَ ابْنُ بَطَّةَ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى مُضِيَّ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لِأَدَائِهَا حِذَارًا مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْإِمْكَانِ حَتَّى يُلْزَمَ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِفِعْلِهِ إِذَا قَدَرَ، كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا آخِرُهُ فَقَالَ: (إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ سِوَى الزَّوَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ، وَصَلَّاهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى حِينَ سَأَلَهُ السَّائِلُ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي: حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، وَقَالَ: «الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ تَحْضُرِ الْعَصْرُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَتَى يَكُونُ الظِّلُّ مِثْلَهُ؟ قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَكَانَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ مِثْلَهُ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَضْبُطَ مَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَنْظُرَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قَدْرَ الشَّخْصِ فَقَدِ انْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ، وَطُولُ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَثُلُثَانِ بِقَدَمِهِ تَقْرِيبًا، وَعَنْهُ: آخِرُهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَبَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ قَدْرَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، قَالَ أَحْمَدُ: الزَّوَالُ فِي الدُّنْيَا وَاحِدٌ، وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُنَجِّمِينَ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فِي الْبُلْدَانِ، وَمِثْلُهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ.

(وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا) لِمَا رَوَى أَبُو بَرْزَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْهَجِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>