للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً.

ثُمَّ الْعَصْرُ وَهِيَ الْوُسْطَى، وَوَقْتُهَا مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ» وَقَالَ جَابِرٌ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِلظُّهْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا مِنْ عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَيَحْصُلُ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْفُرُوعِ " فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ حِينَئِذٍ مُتَوَانِيًا، وَلَا مُقَصِّرًا، وَذَكَرَ الْأَزَجِّيُّ قَوْلًا: يَتَطَهَّرُ قَبْلَهُ (إِلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْوَجِيزِ " أَمَّا فِي الْحَرِّ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مُطْلَقًا إِلَى أَنْ يَنْكَسِرَ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ: هُوَ أَشْبَهُ بِالِاتِّبَاعِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْكَافِي " وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ "، وَالْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُمْ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا اشْتَدَّ الْحُرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» وَفَيْحُ جَهَنَّمَ هُوَ غَلَيَانُهَا، وَانْتِشَارُ لَهِيبِهَا، وَوَهَجُهَا، وَصَرِيحُهُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَطَائِفَةٍ تَعْلِيلًا بِالْمَشَقَّةِ، وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " مَعَ الْخُرُوجِ إِلَى الْجَمَاعَةِ كَوْنَهُ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، وَمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَأَمَّا تَأْخِيرُ مَا فِي الْغَيْمِ، فَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَالسَّامِرِيُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الظُّهْرَ، وَيُعَجِّلُونَ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْمُتَغَيِّمِ، وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ يُخَافُ مِنْهُ الْعَوَارِضُ مِنَ الْمَطَرِ، وَنَحْوِهِ، فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا، فَاسْتُحِبَّ تَأْخِيرُ الْأُولَى مِنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ، لِيَقْرُبَ مِنَ الثَّانِيَةِ، لِكَيْ يَخْرُجَ لَهُمَا خُرُوجًا وَاحِدًا طَلَبًا لِلْأَسْهَلِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، وَعَنْهُ: لَا تُؤَخَّرُ، بَلْ تُعَجَّلُ مَعَ الْغَيْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، و" الْكَافِي " و" التَّلْخِيصِ " إِذْ مَطْلُوبِيَّةُ التَّأْخِيرِ فِي عَامَّةِ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْحَرِّ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِكُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>