يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى الْآمِرِ. وَإِنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَانَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُبَاشِرِ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَيُحْتَمَلُ إِنْ خَافَ السُّلْطَانَ، قَتَلَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَعَلَى الْآمِرِ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ مَعْذُورٌ لِوُجُوبِ طَاعَةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِالْحَقِّ.
فَرْعٌ: إِذَا أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَالْقَوَدُ، أَوِ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْقَتْلِ دُونَ الْمَأْمُورِ كَمُسْلِمٍ قَتَلَ ذِمِّيًّا، فَقَالَ الْقَاضِي: الضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الْإِمَامِ ; لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ، وَالْمُقَلِّدِ، فَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ الْإِمَامِ فِيمَا رَآهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، وَالْمَأْمُورُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ كَمَا لَوْ أَمَرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْقَتْلِ بِهِ
١ -
(وَإِنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) نَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «إِذَا أَمْسَكَ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ، وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ نَحْوَهُ مِنْ قَضَاءِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّهُ حَبَسَهُ إِلَى الْمَوْتِ، فَيُحْبَسُ الْآخَرُ عَنِ الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ حَتَّى يَمُوتَ (وَالْأُخْرَى يُقْتَلُ أَيْضًا) اخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " وَادَّعَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى إِجْمَاعًا ; لِأَنَّ قَتْلَهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا كَمَا لَوْ جَرَحَاهُ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُمْسِكُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ، إِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ فَتَحَ وَاحِدٌ فَمَهُ وَسَقَاهُ آخَرُ سُمًّا قَاتِلًا فَمَاتَ، وَجَزَمَ فِي " الْوَجِيزِ " بِقَتْلِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَمْسَكَهُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ، ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute