أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا عالما بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ. وَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَحْرِيمَهُ (أَوْ عَبْدَهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ) كَمَنْ نَشَأَ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ (فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ) لِأَنَّ الْقَاتِلَ هُنَا كَالْآلَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً، وَنَقَلَ مُهَنَّا: إِذَا أَمَرَ صَبِيًّا أَنْ يَضْرِبَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَعَلَى الْآمِرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ سِكِّينٍ إِلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " إِنْ أَمَرَ صَبِيًّا وَجَبَ عَلَى آمِرِهِ وَشَرِيكِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ سَلِمَ لَا يَلْزَمُهُمَا فَلِعَجْزِهِ غَالِبًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ أَهْلِهِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الْقَتْلِ، وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ إِذَا كَانَ عَالِمًا، وَحِينَئِذٍ يُقْتَلُ الْعَبْدُ وَيُؤَدَّبُ سَيِّدُهُ الْآمِرُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُقْتَلُ الْآمِرُ وَيُحْبَسُ الْعَبْدُ حَتَّى يَمُوتَ كَمُمْسِكِهِ، وَعَلَم أَنَّهُ إِذَا أَمَرَهُ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ فَعَلَى الْمُبَاشِرِ
(وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ ظُلْمًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا لَوْ لَمْ يُؤْمَرْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: الْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ هُنَا مَنْ يُمَيِّزُ، وَلَيْسَ بِكَبِيرٍ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الْآمِرِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلِأَنَّ تَمْيِيزَهُ يَمْنَعُ كَوْنَهُ كَالْآلَةِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ.
١ -
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اقْتُلْنِي، أَوِ اجْرَحْنِي. فَفَعَلَ غَيْرَ مُكْرَهٍ وَهُمَا مُكَلَّفَانِ فَهَدْرٌ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ الدِّيَةُ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دِيَةُ نَفْسِهِ إِرْثًا، وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدٌ لِمَنْ يُقْتَلُ بِهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ فَقَطْ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: اقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ فَخِلَافٌ كَإِذْنِهِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": لَا إِثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " اقْتُلْ نَفْسَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ إِكْرَاهٌ كَاحْتِمَالٍ فِي: اقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا
(وَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي فِعْلِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» وَلِأَنَّ غَيْرَ السُّلْطَانِ لَوْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute