وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَنْهُ: مُوجِبُهُ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ بِدُونِ رِضَا الْجَانِي، فَيَكُونُ قَوَدُهُ بِحَالِهِ وَلَهُ الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ (فَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَهُ الدِّيَةُ) عَلَى الْأُولَى خَاصَّةً ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا، فَإِذَا تُرِكَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَإِنْ هَلَكَ الْجَانِي تَعَيَّنَتْ فِي مَالِهِ كَتَعَذُّرِهِ فِي طَرَفِهِ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، وَعَنْهُ: يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إِذَا قُتِلَ إِلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي، فَيُخَيَّرُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ بَيْنَ قَتْلِهِ وَالْعَفْوِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ كَالْقَتْلِ مُكَابَرَةً، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ يُقْتَلُ حَدًّا ; لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ مِنْ مُحَارِبٍ (وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّ الدِّيَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَإِذَا سَقَطَ الدَّمُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنِ اخْتَارَ الْقَوَدَ تَعَيَّنَ، قَالَ الْقَاضِي: وَلَهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَالِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ أَدْنَى، وَلِهَذَا قُلْنَا: لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَوَدُ وَاجِبًا عَيْنًا، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ تَرَكَهَا كَمَا لَوْ عَفَا عَنْهَا (وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ) أَوْ قُتِلَ (وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ مِنْ غَيْرِ إِسْقَاطٍ فَوَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ كَقَتْلِ غَيْرِ الْمُكَافِئِ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقَوَدُ فَوَجْهَانِ.
١ -
فَرْعٌ: إِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ بِمَا يُوجِبُ قَوَدًا فَاشْتَرَاهُ بِأَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ صَحَّ وَسَقَطَ الْقَوَدُ ; لِأَنَّ شِرَاءَهُ بِالْأَرْشِ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ وَإِنْ قُدِّرَ بِإِبِلٍ فَلَا ; لِأَنَّ صِفَتَهَا مَجْهُولَةٌ.
أَصْلٌ: يَصِحُّ عَفْوُ السَّفِيهِ، وَالْمُفْلِسِ عَنِ الْقَوَدِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَإِنْ عَفَا إِلَى مَالٍ ثَبَتَ، وَإِنْ كَانَ إِلَى غَيْرِ مَالٍ، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، ثَبَتَ الْمَالُ ; لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ لَهُمَا إِسْقَاطُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا صَحَّ عَفْوُهُمَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إِلَّا الْقَوَدُ، وَقَدْ أَسْقَطَاهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "، وَلَوْ رَمَى مَنْ لَهُ قَتْلُهُ قَوَدًا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فَهَدَرٌ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ (وَإِذَا قَطَعَ إِصْبَعًا عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ إِلَى الْكَفِّ، أَوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute