للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ عَفَوْتُ إِلَى مَالٍ، أَوْ عَفَوْتُ عَنْهَ دُونَ سِرَايَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِي الْعَافِيَ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الْقِصَاصُ، أَوْ تَمَامُ الدِّيَةِ وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِي الْقِصَاصِ حَتَّى اقْتَصَّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِي؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَفُّهُ بِعَفْوِهِ، وَإِنْ سَرَتْ إِلَى نَفْسِهِ.

١ -

(وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِي الْعَافِيَ) قَبْلَ الْبُرْءِ (فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ ; لِأَنَّ قَتْلَهُ انْفَرَدَ عَنْ قَطْعِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ غَيْرَهُ (أَوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ الْقَتْلَ مُنْفَرِدٌ عَنِ الْقَطْعِ، فَلَمْ يَدْخُلْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ مُوجِبٌ لَهُ فَأَوْجَبَ الدِّيَةَ كَامِلَةً، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَفْوٌ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الْقِصَاصُ، أَوْ تَمَامُ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ إِذَا تَعَقَّبَ الْجِنَايَةَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ سِرَايَتِهِ، وَلَوْ سَرَى لَمْ يَجِبْ إِلَّا تَمَامُ الدِّيَةِ، فَكَذَا فِيمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَهَذَا إِنْ نَقَصَ مَالُ الْعَفْوِ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " (وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِي الْقِصَاصِ) صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ، ثُمَّ غَابَ وَعَفَا الْمُوَكِّلُ عَنِ الْقِصَاصِ وَاسْتَوْفَى الْوَكِيلُ، فَإِنْ كَانَ عَفْوُهُ بَعْدَ الْقَتْلِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ حَقَّهُ قَدِ اسْتُوفِيَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ وَقَدْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِهِ فَقَدْ قَتَلَهُ ظُلْمًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِعَفْوِ الْمُوَكِّلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ عَفَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ حَتَّى اقْتَصَّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَفَا بَعْدَ مَا رَمَاهُ (وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِي؟) وَهُوَ الْمُوَكِّلُ (يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ عَفْوَهُ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ عَفَا فِي حَالٍ لَا يُمْكِنُهُ تَلَافِي مَا وَكَّلَ فِيهِ كَالْعَفْوِ بَعْدَ رَمْيِ الْحَرْبَةِ إِلَى الْجَانِي، وَلِأَنَّ الْعَفْوَ إِحْسَانٌ، فَلَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الضَّمَانِ، وَالثَّانِي: بَلَى لِأَنَّهُ حَصَلَ بِأَمْرِهِ عَلَى وَجْهٍ، لَا ذَنْبَ لِلْمُبَاشِرِ فِيهِ كَمَا لَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ الْأَعْجَمِيَّ بِقَتْلِ مَعْصُومٍ، وَقِيلَ: لِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْعَافِي، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَخْرُجُ فِي صِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>