قَطَعَ الْقَصَبَةَ، أَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، أَوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَقْتَصُّ مِنْ حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ. وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً، وَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَخْذِ جَمِيعِ أَنْفِ الْجَانِي لِصِغَرِهِ بِبَعْضِ أَنْفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِكِبَرِهِ، وَكَذَا فِي الْأُذُنِ، وَاللِّسَانِ، وَالشَّفَةِ، وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ بَعْضُ اللِّسَانِ بِبَعْضٍ (فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ) أَيْ: قَصَبَةَ أَنْفِهِ (أَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، أَوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَفِي الْخَبَرِ: «أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ آخَرَ عَلَى سَاعِدِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ لَهُ بِالدِّيَةِ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْقِصَاصَ، قَالَ: خُذِ الدِّيَةَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لَيْسَ مِنْ مَفْصِلٍ، فَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ، فَلَوْ قُطِعَ يَدُهُ مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ تَآكَلَتْ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، فَلَا قَوَدَ اعْتِبَارًا بِالِاسْتِقْرَارِ، قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَعِنْدِي يَقْتَصُّ هَاهُنَا مِنَ الْكُوعِ (وَفِي الْآخَرِ يَقْتَصُّ مِنْ حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ لِعَجْزِهِ عَنِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَجَّهُ هَاشِمَةً، وَاسْتَوْفَى مُوضِحَةً، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ عَضُدٍ أَوْ وَرِكٍ (وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِي؟) عَلَيْهِمَا وَلَوْ خَطَأً (عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ "، أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ يَجْمَعُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ بَيْنَ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ، وَالثَّانِي: بَلَى ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ فَوَجَبَ أَرْشُهُ كَغَيْرِهِ (وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً) لِأَنَّهُ مَفْصِلٌ يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ فَوَجَبَ كَالْقَطْعِ مِنَ الْكُوعِ، وَيُرْجَعُ فِي الْخَوْفِ فِي هَذَا إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ خِيفَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ مِرْفَقِهِ وَمَتَى خَالَفَ وَاقْتَصَّ مَعَ خَشْيَةِ الْحَيْفِ، أَوْ مِنْ مَأْمُومَةٍ، أَوْ جَائِفَةٍ، أَوْ نِصْفِ ذِرَاعٍ، وَنَحْوِهِ - أَجْزَأَ، وَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ فَلَهُ دِيَةُ الْيَدِ، وَحُكُومَةٌ لِمَا زَادَ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ فَفِي جَوَازِ قَطْعِ الْأَصَابِعِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ ; لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute