فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ يُوضِحُهُ، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى حَدَقَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يُكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ قِصَاصًا كَمَا لَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مِنَ الْكُوعِ، وَإِنْ قُطِعَتْ مِنَ الْعَضُدِ لَمْ يَمْلِكْ قَطْعَهَا مِنَ الْكُوعِ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ اسْتِيفَاءُ الذِّرَاعِ قِصَاصًا كَمَا لَوْ قَطَعَ مِنَ الْمِرْفَقِ، وَفِي " الشَّرْحِ " وَجْهَانِ.
١ -
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قُطِعَ بَعْضُ أُذُنِهِ، فَالْتَصَقَ فَلَهُ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنْ شَقَّهَا فَأَلْصَقَهَا صَاحِبُهَا، فَالْتَصَقَتْ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قَطَعَهَا فَأَبَانَهَا فَأَلْصَقَهَا صَاحِبُهَا، فَالْتَصَقَتْ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْإِبَانَةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا قَوَدَ فِيهَا ; لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى الدَّوَامِ، أَشْبَهَ الشَّقَّ، وَعَلَى هَذَا: لَهُ أَرْشُ الْجُرْحِ، فَإِنْ سَقَطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا - رَدَّ الْأَرْشَ وَمَلَكَ الْقَوَدَ، أَوِ الدِّيَةَ إِنِ اخْتَارَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
(وَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا) أَوْ شَجَّهُ دُونَ مُوضِحَةٍ، أَوْ لَطَمَهُ (فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ يُوضِحُهُ) أَيْ: فَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقَوَدُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ ; لِأَنَّ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ (فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ) أَيْ: مَا يُذْهِبُ ضَوْءَ عَيْنِهِ إِلَى آخِرِهِ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى حَدَقَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فَيَطْرَحُ فِي الْعَيْنِ كَافُورًا، أَوْ يُقَرِّبُ مِنْهُ مِرْآةً، أَوْ يَحْمِيَ لَهُ حَدِيدَةً، أَوْ مِرْآةً، ثُمَّ يُقَطِّرُ عَلَيْهَا مَاءً، ثُمَّ يُقَطِّرُ مِنْهُ فِي الْعَيْنِ لِيَذْهَبَ بَصَرُهَا، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ مِثْلَ شَجَّتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ بِاللَّطْمَةِ ; لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ وَيُعَالِجُهُ بِمَا يُذْهِبُ بَصَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلَعَ عَيْنَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَلْطِمَهُ مِثْلَ لَطْمَتِهِ، فَإِنْ ذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ اللَّطْمَةَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا مُنْفَرِدَةً، فَكَذَا إِذَا سَرَتْ إِلَى الْعَيْنِ كَالشَّجَّةِ دُونَ الْمُوضِحَةِ، وَلَا قَوَدَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اللَّطْمَةُ تَذْهَبُ بِالْبَصَرِ غَالِبًا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ الْقَوَدُ بِكُلِّ حَالٍ (فَإِنْ لَمْ يُكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ) الْقَوَدُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَلِأَنَّ تَوَهُّمَ الزِّيَادَةِ تُسْقِطُ الْقَوَدَ فَحَقِيقَتُهُ أَوْلَى وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute