إِذَا أُمِنَ مِنْ قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ وَلَا يَجِبُ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: لَهُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَجْلِ الشَّلَلِ وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَجْهَيْنِ) وَكَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمُؤَلِّفِ - يُؤْخَذُ بِهِ ; لِأَنَّ الْعُضْوَ صَحِيحٌ وَمَقْصُودُهُ الْجَمَالُ لَا السَّمْعُ، وَذَهَابُ السَّمْعِ لِنَقْصٍ فِي الرَّأْسِ ; لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَلَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْأُذُنِ.
وَالثَّانِي: لَا يُؤْخَذُ بِهِ ; لِأَنَّهُ عُضْوٌ ذَهَبَ نَفْعُهُ، فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَتُؤْخَذُ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ بِالْمَثْقُوبَةِ (وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِالْقَوَدِ مِنَ الذِّمِّيِّ، وَالْحُرُّ مِنَ الْعَبْدِ (وَبِمِثْلِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الْقِصَاصِ عَدَمُ الِاسْتِوَاءِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا بِشَرْطٍ، وَهُوَ (إِذَا أُمِنَ مِنْ قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ) وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْقَاطِعَ إِذَا كَانَ أَشَلَّ، وَالْمَقْطُوعَةُ سَالِمَةٌ، فَإِنْ شَاءَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَخْذَ الدِّيَةِ فَلَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِعَجْزِهِ عَنِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا قُطِعَ لَمْ تَفْسُدِ الْعُرُوقُ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْهَوَاءُ، أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قَالُوا يَدْخُلِ الْهَوَاءُ فِي الْبَدَنِ فَيُفْسِدُهُ، سَقَطَ الْقِصَاصُ (وَلَا يَجِبُ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ الشَّلَّاءَ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْخِلْقَةِ، وَإِنَّمَا نَقَصَتْ فِي الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يُوجِبُ مَالًا، وَقَوَدًا (وَفِي الْآخَرِ لَهُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ) قَالَهُ الْقَاضِي وَشَيْخُهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَجْلِ الشَّلَلِ) لِأَنَّ الْجَمَالَ يَنْقُصُ بِنُقْصَانِ الْأَصَابِعِ، بِخِلَافِ الشَّلَّاءِ، فَإِنَّهَا كَامِلَةٌ صُورَةً، وَعَلَيْهِ مَبْنَى الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْمَعَانِي لَا تُعْتَبَرُ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُفْضِي إِلَى سُقُوطِ الْقِصَاصِ (وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ لَهُ أَرْشَهُ) لِأَنَّ لَهُ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَأَرْشَ الشَّلَلِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ إِذَا قُلِعَتْ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ تَكْمِيلًا لِحَقِّهِ ; لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بِالْقِصَاصِ بَعْضَ حَقِّهِ فَيَأْخُذُ دِيَةَ بَاقِيهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَقْطَعُ يَدَ الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ دِيَةَ الْيَدِ لِفَوَاتِ حَقِّهِ مِنْهَا، وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: الشَّلَلُ مَوْتٌ، وَذَكَرَ فِي " الْفُنُونِ " أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْبُلْهِ الْمُدَّعِينَ لِلْفِقْهِ، قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِلَّا لَأَنْتَنَ وَاسْتَحَالَ كَالْحَيَوَانِ، وَفِي " الْوَاضِحِ " إِنْ ثَبَتَ فَلَا قَوَدَ فِي مَيِّتٍ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي شَلَلِ الْعُضْوِ وَصِحَّتِهِ فَأَيُّهُمَا يُقْبَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute