للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلَى السَّابِحِ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ، لَمْ يَضْمَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَضْمَنَهُ الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَرَضٍ فَأَسْقَطَتْهُ، فَأَمَّا إِنْ طَلَبَ السُّلْطَانُ امْرَأَةً لِكَشْفِ حَقٍّ لِلَّهِ مِنْ حَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ، أَوِ اسْتَعْدَى عَلَيْهَا رَجُلٌ بِالشُّرْطَةِ فِي دَعْوَى لَهُ فَأَسْقَطَتْ، ضَمِنَهُ السُّلْطَانُ فِي الْأُولَى، وَالْمُسْتَعْدِي فِي الثَّانِيَةِ. نَصَّ عَلَيْهِمَا كَقَطْعٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ فِيهَا، وَإِنْ مَاتَتْ فَزَعًا فَوَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": إِنِ اسْتَعْدَى إِنْسَانٌ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا، أَوْ مَاتَتْ فَزَعًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَعْدِي الضَّمَانُ إِنْ كَانَ ظَالِمًا لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَةُ فَأَحْضَرَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَضْمَنَهَا، وَإِنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ فَأَحْبَلَهَا، وَمَاتَتْ مِنَ الْوِلَادَةِ ضَمِنَهَا ; لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي " الْفُنُونِ ": إِنْ شَمَّتْ حَامِلٌ رِيحَ طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ، أَوْ مَاتَ، فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ: إِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا، فَلَا إِثْمَ، وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ عَلِمُوا، وَكَانَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً الرَّائِحَةُ تَقْتُلُ - احْتُمِلَ الضَّمَانُ، أَوِ الْإِضْرَارُ، وَاحْتُمِلَ: لَا لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ، وَكَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بِهَا صَاحِبُ السُّعَالِ، وَضِيقِ نَفْسٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ (وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلَى السَّابِحِ) الْحَاذِقِ (لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ، لَمْ يَضْمَنْهُ) فِي الْأَصَحِّ، قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ لِمَصْلَحَتِهِ، كَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ بَالِغٌ عَاقِلٌ نَفْسَهُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَضْمَنَهُ الْعَاقِلَةُ) قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ لِيَحْتَاطَ فِي حِفْظِهِ، فَإِذَا غَرِقَ فَقَدْ نُسِبَ إِلَى التَّفْرِيطِ فِي حِفْظِهِ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لَهُ: سَبِّحْ عَبْدِي هَذَا، فَسَبَّحَهُ، ثُمَّ رَقَّاهُ، ثُمَّ عَادَ وَحْدَهُ يَسْبَحُ، فَغَرِقَ، فَهَدَرٌ، وَإِنِ اسْتُؤْجِرَ لِيُسَبِّحَهُ وَيُعَلِّمَهُ، وَمِثْلُهُ لَا يَغْرَقُ غَالِبًا، وَإِنِ اسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ ضَمِنَهُ إِنْ غَفَلَ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَشُدَّ مَا يُسَبِّحُهُ عَلَيْهِ شَدًّا جَيِّدًا، أَوْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ جَارٍ، أَوْ وَاقِفٍ لَا يَحْمِلُهُ، أَوْ عَمِيقٍ مَعْرُوفٍ بِالْغَرَقِ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ، وَلَمْ يَتَعَدَّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>