إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ، فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ فَرَمَتْهَا الرِّيحُ عَلَى إِنْسَانٍ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَمْ يَأْمُرْهُ، وَكَاسْتِئْجَارِهِ قَبْضُهُ الْأُجْرَةَ أَوَّلًا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ، فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمُوهُ كَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي: يَضْمَنُهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَهُوَ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ، وَلِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ إِذَا خَالَفَهُ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِطَاعَتِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ: صَاحِبُ " التَّرْغِيبِ " وَ " الرِّعَايَةِ " غَيْرَ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ ; لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلَافِهِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ مَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ، كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ، وَنَحْوِهِ، فَهَذَا مُتَّجِهٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَقَدْ «كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مُعَاوِيَةَ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: لَا يُقَالُ: هَذَا تَصَرُّفٌ فِي مَنْفَعَةِ الصَّبِيِّ ; لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ لِلْحَاجَةِ، وَاطَّرَدَ بِهِ الْعُرْفُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ) أَوْ حَائِطٍ، وَعِبَارَةُ " الْفُرُوعِ ": وَإِنْ وَضَعَ شَيْئًا عَلَى عُلُوٍّ فَهِيَ أَجْوَدُ، وَفِيهِ شَيْءٌ (فَرَمَتْهَا الرِّيحُ عَلَى إِنْسَانٍ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَوَضْعُهُ لِذَلِكَ كَانَ فِي مِلْكِهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ إِذَا وَضَعَهَا مُتَطَرِّفَةً، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِلْقَائِهَا وَتَعَدَّى بِوَضْعِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَنَى حَائِطًا مَائِلًا، وَلَوْ تَدَحْرَجَ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهَانِ، وَأَنَّهُمَا فِي بَهِيمَةٍ حَالَتْ بَيْنَ مُضْطَرٍّ وَطَعَامِهِ لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِقَتْلِهَا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ.
١ -
مَسْأَلَةٌ: مَنْ نَزَلَ بِئْرًا فِي مَحَلٍّ عُدْوَانًا، أَوْ سَقَطَ فِيهِ فَسَقَطَ فَوْقَهُ آخَرُ فَمَاتَا ضَمِنَهُمَا عَاقِلَةُ الْحَافِرِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ، وَقِيلَ: عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute