للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ، كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ، وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ، وَشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَأَمَّا قَوْلُ الْقَتِيلِ: فُلَانٌ قَتَلَنِي، فَلَيْسَ بِلَوْثٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَذْهَبِ) وَكَمَا بَيْنَ الْبُغَاةِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ، وَبَيْنَ الشُّرْطَةِ وَاللُّصُوصِ عَلَى الْأَشْهَرِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ لَا تُشْرَعَ الْقَسَامَةُ، تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ فِي الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ، وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: أَوْ عَصَبِيَّةٌ لِلْخَبَرِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْعَدَاوَةِ أَلَّا يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ القتل غير الْعَدُوُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَسْأَلِ الْأَنْصَارَ: هَلْ كَانَ بِخَيْبَرَ غَيْرُ الْيَهُودِ أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ فِيهَا، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمْلَاكًا لِلْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَهَا لِأَخْذِ غِلَالِ أَمْلَاكِهِمْ، وَشَرَطَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّ الْأَنْصَارِيَّ قُتِلَ فِي خَيْبَرَ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا إِلَّا الْيَهُودُ، وَهُمْ أَعْدَاءٌ، ثُمَّ نَاقَضَ قَوْلَهُ بِأَنْ قَالَ: فِي قَوْمٍ ازْدَحَمُوا فِي مَضِيقٍ وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَتَلَهُ فَهُوَ لَوْثٌ، فَجَعَلَ الْعَدَاوَةَ لَوْثًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِ الْعَدُوِّ (وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ، وَوُجُودُ قَتِيلٍ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ، وَشَهَادَةُ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ) وَيُعْتَبَرُ مَجِيئُهُمْ مُتَفَرِّقِينَ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ إِلَيْهِمُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وابن رزين وَالشيخ تَقِيِّ الدِّينِ، لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي، أَشْبَهَتِ الْعَدَاوَةَ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِلَوْثٍ لِقَوْلِهِ فِي الَّذِي قُتِلَ فِي الزِّحَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: دِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ فِيمَنْ وُجِدَ مَقْتُولًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: يُنْظَرُ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي حَيَاتِهِ عَدَاوَةٌ، لِأَنَّ اللَّوْثَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْعَدَاوَةِ، لِقَضِيَّةِ الْأَنْصَارِيِّ، وَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِالْمَظِنَّةِ وَلَا يُقَاسُ فِي الْمَظَانِّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَعَدَّى بِتَعَدِّي سَبَبِهِ، وَالْقِيَاسُ فِي الْمَظَانِّ جَمْعٌ بِمُجَرَّدِ الْحِكْمَةِ وَغَلَبَةِ الظُّنُونِ.

فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ لَمْ تَثْبُتِ الشَّهَادَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَوْثًا بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْقَتِيلَ قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا قَتَلَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسِكِّينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>