مالك والليث وَمَتَى ادَّعَى الْقَتْلَ مَعَ عَدَمِ اللَّوْثِ عَمْدًا، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يُحْكَمُ لَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَمْ تَكْمُلُ الشَّهَادَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَوْثًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِهِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِقَتْلِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْقَتْلُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ هُنَا، وَفِيمَا إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِسِكِّينٍ، لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَتْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي صِيغَتِهِ (فَأَمَّا قَوْلُ الْقَتِيلِ: فُلَانٌ قَتَلَنِي، فَلَيْسَ بِلَوْثٍ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمُ» الْخَبَرَ. وَكَالْوَلِيِّ، وَقَالَ: مالك والليث هُوَ لَوْثٌ، لِأَنَّ قَتِيلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: فُلَانٌ قَتَلَنِي فَكَانَ حُجَّةً، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُعْجِزَاتِ نَبِيِّهِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ ذَاكَ فِي تَبْرِئَةِ الْمُتَّهَمِينَ فَلَا يَجُوزُ تَعْدِيَتُهُ إِلَى تُهْمَةِ الْبَرِيئِينَ، لَكِنْ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: أَذْهَبُ إِلَى الْقَسَامَةِ إِذَا كَانَ ثَمَّ لَطْخٌ، إِذَا كَانَ سَبَبٌ بَيِّنٌ، إِذَا كَانَ ثَمَّ عَدَاوَةٌ، إِذَا كَانَ مِثْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَوْضِعٍ فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَلَا لَوْثٌ فَهِيَ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا ادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ قَتْلَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْمَوْضِعِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ، فَإِنْ نَقَصُوا عَنِ الْخَمْسِينَ كُرِّرَتِ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَتِمَّ، فَإِنْ حَلَفُوا وَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى بَانِي الْخُطَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، وَجَبَتْ عَلَى سُكَّانِ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفُوا حُبِسُوا حَتَّى يُقِرُّوا أَوْ يَحْلِفُوا، لِأَثَرٍ عَنْ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: سَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْقَتِيلِ الَّذِي وُجِدَ بِخَيْبَرَ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِالْقَتِيلِ أَثَرٌ فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَسْأَلِ الْأَنْصَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute