للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَبَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعُونَ، وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَدَاهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ فَنَكَلُوا لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

السَّلَامُ: «يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ» مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ خَمْسُونَ رَجُلًا وَارِثًا، لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ إِلَّا أَخُوهُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، أَوْ أَقْرَبُ مِنْهُ نَسَبًا، وَلِأَنَّهُ خَاطَبَ ابْنَيْ عَمِّهِ وَهُمَا غَيْرُ وَارِثِينَ، لَكِنْ يَحْلِفُ الْوَارِثُ مِنْهُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا يُؤْخَذُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ قَبِيلَتِهِ الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا، وَيَعْرِفُ لِنَفْسِهِ نَسَبَهُ مِنَ الْمَقْتُولِ، فَأَمَّا مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنَ الْقَبِيلَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ وَجْهُ النَّسَبِ لَمْ يُقْسِمْ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَسَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْلِيَاءُ؟ قَالَ: فَقَبِيلَتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ.

فَرْعٌ: إِذَا مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فَوَارِثُهُ كَهُوَ، وَيَسْتَأْنِفُ وَارِثُهُ الْأَيْمَانَ سَوَاءٌ حَلَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ شَيْئًا أَوْ لَا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَوْ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْضَ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ جُنَّ، ثُمَّ أَفَاقَ، أَوْ عُزِلَ الْحَاكِمُ، فَإِنَّهُ يَبْنِي (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفُوا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَبَرِئَ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» أَيْ: يَبْرَءُونَ مِنْكُمْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُغَرِّمِ الْيَهُودَ، وَأَنَّهُ أَدَّاهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَلِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَتَبْرَأُ بِهَا كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَعَنْهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَيُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ لِقَضَاءِ عُمَرَ بِالدِّيَةِ مَعَ الْيَمِينِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا قَضَى عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ يَمِينِهِ كَالْبَيِّنَةِ وَحُضُورِ الْمُدَّعِي، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (وَإِنْ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعُونَ، وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَدَاهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: أَدَّى دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِقَضِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ (وَإِنْ طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ) أَيْ: أَيْمَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ (فَنَكَلُوا لَمْ يُحْبَسُوا) فِي الْأَشْهَرِ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْبَسْ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَعَنْهُ: يُحْبَسُ حَتَّى يَقْرَ أَوْ يَحْلِفَ، لِأَنَّهَا دَعْوَى فَيُحْبَسُ فِيهَا بِالنُّكُولِ كَالْمَالِ، وَعَلَى الْأُولَى: لَا يَجِبُ قَوَدٌ بِنُكُولٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>