عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَذْفُ غَيْرُ الْمُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ، وَالْمُحْصَنُ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: زَنَيْتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ثَمَانِينَ، وَبِهِ قَالَ قَبِيصَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَالْخُلَفَاءَ، هَلُمَّ جَرًّا، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا جَلَدَ عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ، رَوَاهُ مَالِكٌ. كَحَدِّ الزِّنَا، وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً، فَدَلِيلُنَا خَاصٌّ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ: يَكُونُ بِدُونِ سَوْطِ الْحُرِّ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ مَجْبُوبًا سِوَى وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَ، نَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ عُتِقَ قَبْلَ حَدٍّ، وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ بِالْحِسَابِ، وَقِيلَ: كَعَبْدٍ (وَهَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِلْآدَمِيِّينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْهَرُ وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ، هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ، فَعَلَيْهِ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ عَنْهُ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا عَفْوُهُ عَنْ بَعْضِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، قَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ، وَعَلَيْهَا لَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ أَوِ الْإِبْرَاءِ، وَلَا يَسْتَوْفِيهِ إِلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَعَلَيْهِمَا: لَا يُحَدُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ إِلَّا بِطَلَبٍ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِجْمَاعًا، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَبِدُونِهِ، وَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدٌّ، وَفِي الْبُلْغَةِ: لَا يَسْتَوْفِيهِ بِدُونِهِ، فَإِنْ فَعَلَ، فَوَجْهَانِ، وَإِنَّ هَذَا فِي الْقَذْفِ الصَّرِيحِ، وَإِنَّ غَيْرَهُ يَبْرَأُ بِهِ، سَوَاءٌ عَلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ كَاعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ أَوِ النِّيَّةِ (وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ) كَمَنَ قَذَفَ مُشْرِكًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ مُسْلِمًا لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ مُسْلِمَةً لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ، أَوْ مَنْ لَيْسَ بِعَفِيفٍ (يُوجِبُ التَّعْزِيرَ) رَدْعًا لَهُ عَنْ أَعْرَاضِ الْمَعْصُومِينَ وَكَفَالَةً عَنْ أَذَاهُمْ، وَقِيلَ: سِوَى سَيِّدٍ لِعَبْدِهِ.
فَرْعٌ: يُحَدُّ أَبَوَاهُ وَإِنْ عَلَوْا بِقَذْفِهِ، وَإِنْ نَزَلَ كَقَوَدٍ، فَلَا يَرِثُهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ وَرِثَهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، وَحُدَّ لَهُ لِتَبْعِيضِهِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُحَدُّ أَبٌ، وَفِي أُمٍّ وَجْهَانِ (وَالْمُحْصَنُ) هُنَا (هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ) هَذِهِ صِفَةُ الْمُحْصَنِ الَّذِي يُحَدُّ بِقَذْفِهِ، أَمَّا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، فَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْكَافِرَ حُرْمَتُهُمَا نَاقِصَةٌ، فَلَمْ يُنْتَهَضْ لِإِيجَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute