للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، وَفَسَّرَهُ بِصِغَرٍ عَنْ تِسْعِ سِنِينَ، لَمْ يُحَدَّ، وَإِلَّا خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَدِّ، وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَرَدَتْ فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، وَغَيْرُهُمَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُمَا، وَأَمَّا الْعَقْلُ، فَلِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُعَيَّرُ بِالزِّنَا، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، وَغَيْرُ الْعَاقِلِ لَا يَلْحَقُهُ شَيْنٌ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَأَمَّا الْعِفَّةُ عَنِ الزِّنَا فَلِأَنَّ غَيْرَ الْعَفِيفِ لَا يَشِينُهُ الْقَذْفُ، وَالْحَدُّ إِنَّمَا وَجَبَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَسْقَطَ اللَّهُ الْحَدَّ عَنِ الْقَاذِفِ إِذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَا قَالَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَلِأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يُعَيَّرُ بِالْقَذْفِ، لِتَحَقُّقِ كَذِبِ الْقَاذِفِ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ إِنْ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ تِسْعُ سِنِينَ إِنْ كَانَتْ أُنْثَى، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ، بَلْ لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ فَاسِقًا، كَشُرْبِهِ الْخَمْرَ أَوْ لِبِدْعَةٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ بِالزِّنَا أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ، وَقَالَ الشِّيرَازِيُّ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِ مُبْتَدِعٍ وَلَا مُبْتَدِعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إِذَا قَذَفَ أُمَّ وَلَدٍ - رَجُلٌ، وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ؟ حُدَّ، وَإِذَا قَذَفَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ، أَوْ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ حُدَّ فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ قَذَفَ عَبْدٌ عَبْدًا جُلِدَ أَرْبَعِينَ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

إِحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ، قِيلَ: إِنَّهَا مُخَرَّجَةٌ، وَلَيْسَتْ بِمَنْصُوصَةٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ.

وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَطَعَ بِهَا الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، لِأَنَّ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوَهُ يَلْحَقُهُ الشَّيْنُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إِلَيْهِ وَيُعَيَّرُ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا جُعِلَ عَيْبًا فِي الرَّقِيقِ، أَشْبَهَ الْبَالِغَ، وَفِي اشْتِرَاطِ سَلَامَتِهِ مِنْ وَطْءٍ الشُّبْهَةِ وَجْهَانِ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ هَلْ يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ أَمْ لَا؟ فَذُكِرَ عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ وَصَفَهُ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ عَدَمُ وَصْفِهِ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ آخَرِينَ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ فِي ذَلِكَ.

فَرْعٌ: إِذَا وَجَبَ الْحَدُّ بِقَذْفِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَيُطَالَبَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ كَلَامِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْمُطَالَبَةُ حِذَارًا مِنْ فَوَاتِ التَّشَفِّي، وَلَوْ قَذَفَ غَائِبًا اعْتُبِرَ قُدُومُهُ وَطَلَبُهُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ طَالِبٌ فِي غَيْبَتِهِ، فَيُقَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ، وَلَوْ قَذَفَ عَاقِلًا فَجُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَبِ لَمْ يُقَمْ حَتَّى يُفِيقَ وَيُطَالَبَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الطَّلَبِ جَازَتْ إِقَامَتُهُ.

مَسْأَلَةٌ: يُشْتَرَطُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: مُطَالَبَةُ الْمَقْذُوفِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>