يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَا، يَا عَفِيفُ، أَوْ يَا فَاجِرَةُ، يَا قَحْبَةُ، يَا خَبِيثَةُ، أَوْ يَقُولُ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ، يَا فَارِسِيُّ، يَا رُومِيُّ، أَوْ يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ، أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَنَيْتَ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَهَذَا كُلُّهُ كِنَايَةٌ، إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرَ الْقَذْفِ، قُبِلَ قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: جَمِيعُهُ صَرِيحٌ، وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَبِمَنْعِ الْوَطْءِ (أَوْ يَقُولُ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ) لِأَنَّهُ كَذَلِكَ حَقِيقَةً، (مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَا) حَقِيقَةُ النَّفْيِ، أَيْ: مَا أَنْتَ بِزَانٍ وَلَا أُمُّكَ زَانِيَةٌ (يَا عَفِيفُ) كَوْنُهُ كَذَلِكَ حَقِيقَةً، وَكَذَا يَا نَظِيفُ، يَا خَنِيثُ بِالنُّونِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْبَاءِ (أَوْ يَا فَاجِرَةُ) أَيْ: كَوْنُهَا مُخَالِفَةً لِزَوْجِهَا فِيمَا يَجِبُ طَاعَتُهَا فِيهِ (يَا قَحْبَةُ) قَالَ السَّعْدِيُّ: قَحَبَ الْبَعِيرُ وَالْكَلْبُ: سَعَلَ، وَهِيَ فِي زَمَانِنَا الْمُعَدَّةُ لِلزِّنَا (يَا خَبِيثَةُ) وَهِيَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ خَبُثَ الشَّيْءُ فَهُوَ خَبِيثٌ (أَوْ يَقُولُ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبَطِ، وَهُمْ: قَوْمٌ يَنْزِلُونَ بِالْبَطَائِحِ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ (يَا فَارِسِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى فَارِسَ، وَهِيَ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ، وَأَهْلُهَا الْفُرْسُ، وَفَارِسٌ أَبُوهُمْ (يَا رُومِيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى الرُّومِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الرُّومُ بْنُ عِيصُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (أَوْ يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ (أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَنَيْتَ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) أَيْ: مُوَافِقٌ لِلْكَذِبِ، أَوْ مَا أَنَا بِزَانٍ، أَوْ مَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ (فَهَذَا كُلُّهُ كِنَايَةٌ إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرَ الْقَذْفِ) وَعَنْهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ (قُبِلَ قَوْلُهَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ غَيْرَ الزِّنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَهُوَ إِذَنْ فَسَّرَ الْكَلَامَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، وَعَلَيْهِ يُعَزَّرُ (وَفِي الْآخَرِ: جَمِيعُهُ صَرِيحٌ) فَيُحَدُّ بِهِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ عَنِ الْخِرَقِيِّ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَيْهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالِاسْتِعْمَالِ، فَعَلَى هَذَا: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ، لَمْ يُقْبَلْ كَالزَّانِي، وَعَنْهُ: لَا يُحَدُّ إِلَّا بِنِيَّةٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَالْقَرِينَةُ كَكِنَايَةِ طَلَاقٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ قَذْفٌ بِنِيَّةٍ، وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا، وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا، وَفِي لُزُومِ إِظْهَارِهَا وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute