جَمِيعِهِمْ، عُزِّرَ، وَلَمْ يُحَدَّ. وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ، فَهَلْ يُحَدُّ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَنْبِيهٌ: لَا حَدَّ بِالتَّعْرِيضِ، كَقَوْلِهِ: يَا حَلَالُ ابْنَ الْحَلَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، يُعَرِّضُ بِنَفْيِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِذَلِكَ حَدٌّ» ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ دُونَ التَّصْرِيحِ بِهَا، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَهِيَ أَظْهَرُهُمَا، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ خُصُومَةٍ، وَلَا وُجِدَتْ قرينة فَلَا يَكُونُ قَذْفًا (وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ جَمِيعِهِمْ) عَادَةً وَعُرْفًا (عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ) لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ، وَيُعَزَّرُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالزُّورِ، كَمَا لَوْ سَبَّهُمْ بِغَيْرِ الْقَذْفِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُعَزَّرُ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدٌ، وَفِي الْمُغْنِي: لَا يَحْتَاجُ التَّعْزِيرُ إِلَى مُطَالَبَةٍ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُعَزَّرُ حَيْثُ لَا حَدَّ.
مَسَائِلُ: يُعَزَّرُ فِي: يَا كَافِرُ، يَا فَاجِرُ، يَا حِمَارُ، يَا تَيْسُ، يَا رَافِضِيُّ، يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ، أَوِ الْفَرْجِ، يَا عَدُوَّ اللَّهِ، يَا ظَالِمُ، يَا كَذَّابُ، يَا خَائِنُ، يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، يَا مُخَنَّثُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: فَاسِقٌ كِنَايَةٌ، وَمُخَنَّثٌ تَعْرِيضٌ، وَيُعَزَّرُ فِي: قَرْنَانَ، وَقَوَّادٍ، وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: عَنْ دَيُّوثٍ، فَقَالَ: يُعَزَّرُ، وَفِي الْمُبْهِجِ: دَيُّوثٌ قَذْفٌ لِامْرَأَتِهِ، وَمِثْلُهُ: كَشْخَانُ، وَقَرْطَبَانُ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مَأْبُونٍ كَمُخَنَّثٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ لِظَالِمٍ ابْنِ ظَالِمٍ: جَبَرَكَ اللَّهُ وَرَحِمَ سَلَفَكَ، يُعَزَّرُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ
١ -
(وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ، فَهَلْ يُحَدُّ) أَوْ يُعَزَّرُ؟ (عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يُعَزَّرُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ رَضِيَ بِقَذْفِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَذَفَ نَفْسَهُ.
وَالثَّانِي: يُحَدُّ، لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ الْقَذْفُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَقَوْلُهُ لَا أَثَرَ لَهُ، لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ وَالشَّرْحِ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَهَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute